8‏/10‏/2017

إدارة الموقع

تنبيهات حول كتاب [ حكومة الفقهاء ودستور الأمة ]



تنبيهات حول كتاب
حكومة الفقهاء ودستور الأمة
بقلم / سماحة آية الله الفقيه السيد أبو الحسن حميد المقدس الغريفي (دام ظله)
النجف الاشرف


التنبيه الأول :

ينبغي على الأخوة الكرام قراءة كتاب حكومة الفقهاء بوعي وتدبر حتى يكون على دراية بمضمونه قبل التعليق عليه سلباً أو ايجاباً ليعكس بذلك مشاركة علمية مسؤولة ومقبولة لا تخضع للرغبات والهوى والميول والاتجاهات المخالفة والتصورات الخاطئة والأحكام المُسْبَقة على حاكمية الإسلام للدولة ، وقد كان لبعض المؤمنين جملة من التساؤلات والاستفهامات قد بَيَّنا الجواب عليها في هذه التنبيهات .

التنبيه الثاني :

قيادة الفقيه الحاكم للأمة تُعَد من الضرورات الاجتماعية التي يفرضها واقع الحياة العامة التي لا تخلو من وجود قائد عادل أو جائر ، وحاكمية الفقيه في حكومة الفقهاء سواء كانت حاكميته تحت عنوان ولاية الفقيه أو تحت عنوان ولاية الحِسْبَة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفظ النظام لا يؤثر على الواقع في مرحلة التطبيق والعمل لأنهما يتحدان في جهة مشروعية عملهم ويؤديان وظيفة رسالية واحدة ذات هدف واحد ، ويبقى النزاع لفظياً لا يؤثر على الواقع العملي في مسيرتهما لأنهم في مقام الحاكمية والعمل واحد ، ولذا فالفقيه على كلا الأطروحتين لا يبقى محجوب النظر ومكتوف اليد اتجاه الحوادث على كافة الصُعُد ومختلف المسائل ، ولا يُعَلِّق ما يتطلب من مسيرة الحياة إلى ظهور الحجة القائم عليه السلام ولا يُعَطِّل الأحكام والحدود ما أمكنه إلى ذلك من سبيل وإلا  كان الاسلام وتطبيق تعاليمه مرحلي ضمن فترة زمنية محدودة وقد انتهت وحينئذٍ لا يفي الإسلام بمتطلبات الحياة العامّة ولا تصح بذلك مقولة كونه دين ودولة أو أنَّه دين الحياة ، وهذا مخالف لما هو ثابت قطعاً من ديمومته وقيادته وبقاء صلاحه إلى قيام الساعة .

التنبيه الثالث :

اعتراض جملة من الناس على حاكمية الفقيه للدولة لا ينفي مشروعية الدولة كما أنَّ الاعتراض والاختلاف من الأمور البشرية الواقعة في كل دول العالم بما فيها المتقدمة منها بل وكُل مجتمعاته ، ورضا الناس غاية لا تُدرك حيث لكل انسان قادح ومادح ولكل دولة موالاة ومعارضة ولا تخرج حكومة الفقهاء عن هذا الواقع العملي في كل أنظمة العالم فهو أمر طبيعي ونتيجة محتومة لاختلاف المصالح والميول والاتجاهات والمدارس والمذاهب والطوائف والأحزاب ، ولذا من الخطأ الفادح والمخالفة الواضحة إذا تخلينا عن نُصرة الفقيه العادل أو شجَّعناه على عدم الخوض لقيادة وحاكمية الأمة خوفاً من اعتراض المُعترضين وسُباب الشاتمين الذين لم يسلم منهم نبيٌ ولا وصيٌ بل حتى الخالق العظيم ، وكذا الخوف من كيد الحاسدين والحاقدين والجاهلين والضالِّين والمستكبرين لأنَّنا بذلك نكون قد أحدثنا فراغاً في قيادة الأمة وفَسَحنا المجال لأعدائنا في ملئ الفراغ وبالتالي يكون التخلي عن الحق الإسلامي من دون أسباب موضوعية حقيقية قد ساعدنا على تمكين وتسليط الظالمين من السُفهاء والجُهّال والعملاء والطغاة على حاكمية الأمّة تحت عناوين كثيرة ويتم تعطيل حدود الشريعة وضياع حقوق المؤمنين وتعريضهم للخطر في دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم وهو مُحرَّمٌ أكيداً .

التنبيه الرابع :

وأمَّا حاكمية الفقيه العادل في حكومة الفقهاء لا يؤثر على حرية المكلفين في اختيار مرجع تقليدهم حيث يكون الأمر تابع للحجة الشرعية المقامة عند المكلف في تقليده للفقيه الفلاني دون الآخر ، ولا يُفْرَض على المكلف تقليد الفقيه الحاكم للدولة ، والاختلاف في التقليد بين أفراد الشعب لا يتعارض مع نظام الدولة والمصلحة العليا للعباد والبلاد كما أنَّ الاختلاف في التقليد لا يعني تعدد الانتماء لأنَّ المرجعية فوق مستوى التحزبات .
ثُمَّ إنَّ اختلاف الفقهاء في الرؤى والمتبنيات والفتوى من الأمور الطبيعية التي لا يختلف حالهم عن اختلاف باقي الأنظمة العالمية التي يختلف فيها الوزراء فيما بينهم وكذا يختلف أعضاء المجلس النيابي وكذا فقهاء القانون الوضعي والدستوري وهكذا الحال في مختلف مفاصل الدولة ، فلماذا يُعتبر الاختلاف عند أرباب النظم الوضعية أمراً حسناً ويكشف عن الحرية وتلاقح الأفكار وبلورتها ونضجها بينما الاختلاف بين فقهاء الشريعة في حدود الحجة الشرعية يعتبر أمراً سيئاً ومرفوضاً ؟!!! ، فينبغي أن نحترم الاختصاص في علوم الشريعة ونحترم جهة اختلافهم العلمي والمعرفي الذي لا يخرج عن دائرة الضوابط والموازين الشرعية والأخلاقية ، وما يفعله العوام المقلدون من اساءة اتجاه الآخر من فقيه أو مُقَلِّد آخر إنما يُعبِّر عن جهله بالواقع العلمي والمعرفي والثقافي ولذا لا ينعكس ذلك سلباً على اخلاق الفقهاء والنظام الاداري للدولة والأداء الحكومي.

التنبيه الخامس :

لقد ثبت في العراق أنَّ المرجعية الدينية تُمثل القيادة الحكيمة والرشيدة وتُعتبر الجهة السليمة والعادلة والضمانة الحقيقية لمختلف المذاهب والمكونات والأقليات ، واليوم لولا فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي واستجابة الجماهير المؤمنة لها من المتطوعين وفصائل المقاومة والدعم الكامل بالسلاح والعتاد والمال والخبرة و. و. و من جمهورية ايران الاسلامية لكان عموم الشعب العراقي يعيش أسوء كارثة عالمية في عصرنا الراهن على يد المتطرفين التكفيريين بأفعالهم الاجرامية الخارجة عن حدود الإنسانية ، فأين دور الأحزاب والكتل السياسية العلمانية والليبرالية والمتأسلمة المتاجرة جميعها بشعارات برّاقة كاذبة وبوسائل خادعة حتى طفح فسادها المالي والإداري بأدلة قاطعة إلى أعلى مستوى عالميا ليسرقوا قوت الشعب ويُقامروا بسلامته في رهانات سياسية ودعايات انتخابية بل تاجروا بدمائه بطرق وألاعيب شيطانية كثيرة ومتنوعة ؟!!!! ، وهكذا تكون هذه الأحزاب هي المستفيد الوحيد من حالتي السِّلم والحرب ، فلماذا تجري المحاصصة بينهم في المناصب والمكاسب والنفوذ والفساد ولا تجري بينهم في الدماء ؟!!!! .

التنبيه السادس :

حكومة الفقهاء تتعامل مع المخالفين من المسلمين وباقي الشرائع معاملة انسانية وفي حدود المواطنة وفق مقررات الشرع الشريف وكذا تبعاً للمعاهدات الدولية العادلة التي لا تتصادم مع النظام الإسلامي وبذلك يُمارس الجميع حقوقهم وفق قانون الأحوال الشخصية كقاعدة الإلزام (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم) ويشتركون مع باقي أبناء الشعب في القوانين العامة للبلاد من دون تمييز .

التنبيه السابع :

لابد من التمييز والتفريق بين القول بالدولة العادلة والقول بالمشروع العادل ، فحينما نقول حكومة الفقهاء هي الممثل الشرعي والعادل لا نعني أنَّها موازية أو بديلة عن دولة الإمام المهدي عليه السلام حتى يُستشكل على الأمر وذلك لوجود الفرق بينهما والذي لا يصح القياس معه في القيادة والجماهير ، وإذا أمكن حصول خطأ أو مظلمة في حكومة الفقهاء فهي ليست معصومة فقد حصل ذلك على عهد دولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرّات عديدة ، ومنها حينما تمَّ إرسال خالد بن الوليد إلى بني جذيمة ليستعلم حالهم وبقاءهم على الإسلام وإذا به يقتلهم ويرتكب جرائم وقبائح عظمى بحقهم لثأر له معهم في الجاهلية وبأسلوب مشابه تماماً لما يفعله الدواعش اليوم حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ثلاثاً : اللهم إنِّي أبرأ إليك مما صنع خالد وأرسل علياً عليه السلام ليدفع لهم الدية ويتصالح معهم ويتبرأ من فعل خالد ، ويُمكن أن يحصل الخطأ أو الظلم هنا أو هناك نتيجة الجهل أو النفوس الضعيفة والمُجرمة ويتحمل مسؤوليته مرتكبه مع ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه من دون محاباة أو خجل أو ضعف أو مساومة ، ولكن لا يعني أن ننسف بسببه مشروع دولة أو نرفض اقامتها ، بل ينبغي علينا الاصلاح الدائم وتربية النفوس وتفعيل القانون ولا تؤاخذ الدولة والحكومة بجريرة هؤلاء المذنبين إذا كانت جادة في محاسبتهم وطردهم ، وبالرغم مما ذكرنا وبَيَّنا نجد أعداء مشروع حكومة الفقهاء يلتزمون الصمت والرضوخ راكعين خانعين أذلاء تحت نير حكومات مُفَككة وظالمة وفاشلة وخائنة وعميلة تعيش على الكذب والحيلة والمحاصصة وسرقة قوت الشعب وجباية الضرائب المجحفة وامتصاص دمائهم واعتماد التزوير والتحريف والتضليل في مسيرتهم بحيث تُعَد رتبتها عالمياً من أفسد الحكومات من قمة الهرم إلى أسفل الوادي حيث لا نزاهة ولا عدالة ولا أمان ولا استقرار ولا سيادة ولا قضاء مع انفلات أمني وأخلاقي وووو ... ومع كل ذلك الفساد والفشل لهذه الحكومات المتعاقبة لا يتجرأ الشعب للأسف الشديد للمطالبة بما هو حق طبيعي له وهو حكومة الفقهاء التي لم يجربها الشعب العراقي منذ قرون من الزمان بل تجدهم يتهافتون على عناوين ومناهج وايديولوجيات دول فاسدة وفاشلة وعميلة قد جربت حظها مرارا وتكراراً من دون أمل بالنجاح وايجاد الحلول ، وحينئذٍ ينبغي على الشعوب تحريك أدوات العمل الإسلامي في الدعوة والتبليغ والسعي لإقامة حكومة الفقهاء لكي لا يخضعوا لحاكمية الظالمين من السُفهاء والجُهلاء والعملاء والصبيان واللصوص والطغاة وأن لا يستسلموا خانعين أذلاء من حكومة إلى أخرى ممن تحمل عناوين مزيفة وشعارات برّاقة كاذبة يتعرض فيها الشعب لمذابح جماعية وتُهتك فيها الأعراض وتُسرق الأموال وتُعطَّل الأحكام تحت ذرائع مختلقة ومدعيات واهية وتصورات وهمية بل لابد أن نساعد على تأسيس حكومة تكون ممهدة لعصر الظهور وتدرأ عنا خطر الظالمين والفاسدين والفاشلين والعملاء والمستكبرين وتحفظ لنا الهوية والحقوق والنظام وتعمل على التطور والازدهار في مختلف مجالات الحياة ، وقد جرَّبت الشعوب مختلف الأنظمة فوجدتها ظالمة وفاسدة وفاشلة ومتخلفة وعميلة وليس هناك في عصر الغيبة أسلم وأفضل نظام من حكومة الفقهاء والذي يقوم على الحجة الشرعية والعقلية ، فتأمل جيداً.

التنبيه الثامن :

حكومة الفقهاء في ذاتها تعتبر واجهة حقيقية للتمدن والتحضر والتحرير والتنوير والتطور والإزدهار لأن من أولوياتها أن تجاهد بشكل حثيث لتحقيق الأهداف السامية من إقامة العدل ونصرة المستضعفين ومنع الظلم والفساد وتسعى لرقي الأمة إلى أعلى مراتب التقدم في النُظم الإدارية والعلمية بمختلف مجالات الحياة باعتبارها ذات نظام مؤسساتي يرعى التخصصات والكفاءة والاستقلال والتطور  وبناء علاقات دولية عادلة يحفظ بمراعاة ذلك كله السيادة وحقوق الشعب ومصالحه جيلا بعد جيل ، وهذا من صميم واقع الإسلام الأصيل وقيادته العادلة وحركتهما المرنة في التعامل مع الحياة العصرية وسُبُل تجديدها بما يخدم الإنسانية جمعاء ، ولا نقصد من حكومة الفقهاء أن تكون حكومة دينية بالمصطلح السياسي المغلق على جهة دينية واحدة بل هي حكومة عصرية إسلامية تهتم بأمور الشعب بجميع مكوناته وطوائفه وتؤمن بالتعددية المذهبية والطائفية والقومية كأمر واقع مبني على التزامات ومعاهدات وفق رؤية عادلة واستحقاقات وطنية وإنسانية تلتزم الدستور الذي يرعى حقوق الجميع، ويعتمد التداول السلمي للسلطة بما تقتضيه مصلحة الأمة بمراعاة الأهلية للمتصدين من الكفاءة والنزاهة وحسن الإدارة والتدبير والشجاعة والولاء للوطن ، ولا يتصور أحد أنَّ عدم إرادة المرجعية الدينية لتأسيس دولة دينية في العراق يعني أنها تدعوا لدولة مدنية بمصطلحها الغربي كما لا يعني ذلك رضاها وإقرارها وتأييدها لإشاعة ما يُخالف الشريعة كُلاً أو بعضاً كالزواج المدني وفسح مجال الإباحية ونكاح المثليين والإلحاد والربا وشرب الخمر والمتاجرة به وما إلى ذلك مما يخالف الشريعة ، ولا يعني أيضاً السماح بنشر الحرية الفوضوية وتقليد الغرب في تفاصيل حياتهم .... بل الدولة المدنية في واقع الأمر وتبعا للمفهوم  الإسلامي هي الدولة الإسلامية العادلة والقائمة على الأصالة والمعاصرة والمحققة للعدل والإنصاف والعاملة بالتشريع الإلهي والنُظم الإدارية المعاصرة والسليمة التي تخدم الأمة وتوفر لها الأمن والأمان والإستقرار والتقدم وتضمن حقوق الشعب بمختلف مكوناته الطائفية والمذهبية والقومية في التعبير عن رأيه وحفظ ماله ومستقبله وتمنحه حرية منضبطة في إطار القانون شأنه شأن باقي نظم دول العالم المتقدم ، كما أنَّ الدولة المدنية أيضا هي في قبال الدولة العسكرية حيث لا ينبغي عسكرة الشعب وإشاعة السلاح بينهم إلا فيما تقتضيه الضرورة الملحة ، كما لا يُقصَد من المدنية تقليد نُظم الغرب الرأسمالية أو الإشتراكية أو العلمانية أو الليبرالية أو الملكية أو الشيوعية أو القومية بحذافيرها أو في مبادئها وقيمها وأخلاقها لأنَّ ذلك أبعد ما يكون عن واقع الأمة الإسلامية ومنهاجها الإسلامي المعتمد على الكتاب والسُنَّة ومدركات العقل القطعي ، إضافة إلى ذلك فإنَّ المدنية بمصطلحها الإسلامي هي التحضر والتمدن والمعاصرة والتقدم والانفتاح بما يخالف البداوة والتخلف والرجعية كما أنَّها ضد الإستبداد والفساد والظلم بما يضمن للشعب حرية اختياره لممثليه بعد التحقق والتأكد من اتصافهم بالأهلية والكفاءة والنزاهة وحسن الإدارة والتدبير والشجاعة في اتخاذ المواقف ، وبهذا الوصف لا تكون الدولة المدنية في قبال الدولة الإسلامية بل تكون في قبال الدولة الدينية المغلقة والاقصائية التي لا تؤمن بالآخر وكذا في قبال الدولة العسكرية والدولة الإستبدادية والدولة الرجعية التي تعيش البداوة والجهل والتعصب الأعمى بمفهوم دولة طالبان والقاعدة في أفغانستان ودولة الدواعش في الشام والعراق ودولة الصهاينة اليهودية في فلسطين التي تعلن وبلا حياء أو تردد أن دولتها يهودية مغلقة وتمارس على أساسها الاقصاء والتهجير والقتل والإبادة وتنشر الكراهية وتمارس العدوان باستمرار ، وهي ذات طابع ديني مُغْلَق ومُغَلَّف بسياسة صهيونية عدوانية لا تؤمن بالآخر كما في نصوصها التلمودية ، ورغم أنَّها تنفي طابعها الديني وتزعم كونها ذات طابع قومي إلا أنَّ الصفة الغالبة في سياستها هو تمسكها بالنصوص الدينية ذات الأطماع والأهداف التوسعية مع إلغاء الآخر وبث روح الكراهية والإنتقام منه بدواعٍ طائفية مملوءة بالحقد والتعصب ، ثُمَّ إنَّ الدافع الديني لا يختلف في تعصبه وعنصريته عن الدافع القومي ولا يفترق عنه بشيء لكون مرجعيتها النصوص التلمودية الدينية التي تزعم أنَّ اليهود فوق الجميع وأفضل منهم ، وأنَّ الآخرين إنما هم خدم وعبيد تستبيح دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، ولذا بنى اليهود في فلسطين كيانهم الغاصب على دماء الشعب الفلسطيني بدعم ومساندة الاستكبار العالمي وأذنابهم ومرتزقتهم من حكام العرب وقامت بمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته بما يتنافى مع أدنى  معايير العدل والإنصاف وقوانين المنظمات الإنسانية على  مستوى العالم  ، وهذا كله بخلاف الدولة الإسلامية التي تندك في نظامها وتشريعاتها واجراءاتها روح المعاصرة والتمدن الواعي والعادل الذي يتطلع دائما الى نشر الفضيلة وخدمة الشعب وحفظ حقوقه ورعاية طموحاته المشروعة بلا فرق في ذلك بين جميع مكوناته الطائفية والمذهبية والقومية.
   ولذا ينبغي لمن يُعارض مشروع إقامة حكومة الفقهاء الإسلامية بذريعة مختلقة أنها دينية مغلقة وتخويف الناس منها وتضليلهم كان لابد لهم من باب أولى أن تكون لهم الشجاعة و الحماسة  ليعلنوا صراحة محاربة مشروع الدولة اليهودية وأشباهها في المنطقة وخارجها .
    والمهم لا ينبغي لدعاة المدنية الغربية وأذنابهم ومرتزقتهم تضليل الناس وإيقاعهم في فخ التجهيل والعمالة تحت ذريعة أن المرجعية الدينية الرشيدة لا تسعى لإقامة دولة دينية بل تريد دولة مدنية في إشارة واضحة منهم إلى الزعم بتأييد المرجعية لمنهجهم في النظام المدني الغربي ، فهذا مما لا يستسيغه المنطق الإسلامي منهجاً وممارسة ، وخصوصا أن العراق منذ تأسيس دولته الأولى وإلى يومنا هذا يعيش تحت نظام الدولة المدنية بمختلف عناوينها العلمانية والليبرالية والملكية وبمختلف الأحزاب ولم يشهد قيام دولة اسلامية ، ومع ذلك كله كانت تلك الدولة المدنية  العراقية بعناوينها المختلفة من أسوء النظم الاستبدادية والفاسدة والفاشلة والعميلة ،  وعلى العاقل أن لا يجرب المجرب الفاسد والفاشل ، ولذا لابد من فهم واقع هذا التنبيه وأن لا ينجر الشعب وراء أكاذيب وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان ، وأن لا يستمعوا لوعاظ السلاطين وعملاء الغرب وإنْ تلَبَّسوا بالزي الديني الإسلامي. ثُمَّ لابد من التمييز والتفريق بين جهتين وهما جهة الفقهاء العدول الأمناء الذين لا يتمحورون في حدود الحزبية ، وجهة الأحزاب المتأسلمة الذين يرفعون راية الإسلام كذبا وزورا بعدما ثبت بأدلة قاطعة أنَّها لا مشروعية لعملها لانفصالها واقعاً عن خط المرجعية ولا يسترشدون برأيها إلا فيما يصب في مصالحهم الحزبية والشخصية ليتخذوا من المرجعية غطاءا لهم وجسرا يمررون من خلالها مآربهم الخاصة التي تتقاطع مع الشرع وحقوق الشعب ، بل قد ثبت يقيناً فسادهم وفشلهم وارتباطهم المشبوه وعدم أهليتهم للعمل الإسلامي فضلاً عن قيادة الأمة وحاكميتها ، حيث كل حزب بما لديهم فرحون ، وهم خصوم الشعب واقعا ، وما أخطرهم وهم يمارسون دور الخصم والحكم في كل مفاصل الحياة ، ولذا من القبيح والظلم إدعاء سقوط المشروع الإسلامي في العراق لأنَّه غير موجود أصلاً فتكون القضية سالبة بانتفاء الموضوع ، حيث لم يُطرح على الساحة العراقية أي مشروع اسلامي حتى يسقط وإن تاجرت الأحزاب باسم الإسلام والشعارات البرّاقة كذباً وزوراً وهي لا أساس لها على أرض الواقع ، وحينئذٍ فسقوط الأحزاب المتأسلمة لا يعني سقوط المشروع الإسلامي ، وبعد هذا لابد من بيان أنَّ المشروع الإسلامي ما زال غضاً طرياً قائماً على قدم وساق وهو أنجع الحلول وأحق أن يُطبِّق على أيدي الفقهاء العدول الأمناء ممن يتصفون بحسن التدبير والإدارة والشجاعة ، كما لابد للشعب من دعم هذا المشروع الإلهي لتحقيق أهدافهم على الصعيدين الدنيوي والأخروي في حدود التكليف المزدوج الذي يخاطب  القيادة والجماهير معاً ويفرض عليهما الإمتثال والتعاون سوية كل بحسب وظيفته لكي تبرأ ذمتهما وبالتالي يتحقق على يديهما النجاح بإقامة حكومة فقهاء اسلامية تتصف بالتمدن والمعاصرة.

تنبيهات حول كتاب [ حكومة الفقهاء ودستور الأمة ]

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك