الى سماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي
السلام عليكم سيدنا ورحمة الله تعالى عليكم وبركاته
نحن بعض الشباب من العاصمة بغداد وقد حصلت لنا شبهة مفادها :
ان هناك روايات في محمد ابن الامام امير المومنين (ابن الحنفية) تقول : حصول خلاف من محمد ابن الحنفية مع الامام السجاد على موضوع الامامة وعلى اساس الرواية تقول ذهب محمد ابن الحنفية مع الامام السجاد الى الحجر الاسود ونطق الحجر الاسود الى الامام السجاد في الامامة الى الامه بعد ابيه الامام الحسين
السوال الثاني هناك روايه تقول ان محمد ابن الحنفية شكل فرقة تسما الفرقه الكيسانية على محاربة ابن اخيه الامام السجاد على موضوع الامامة وتسليم محمد ابن الحنفية عشيرة بني هاشم في المدينة المنورة
السوال الثالث هل ان الامام الحسين ابقاء اخيه محمد ابن الحنفية في المدينة المنورة باذن من الامام الحسين ام محمد امتنع من الذهاب مع اخيه
السؤال الرابع ماهو المراد من الرسالة التي أرسلها الامام الحسين الى محمد ابن الحنفية
راجين من سماحتكم الاجابة مع فائق الشكر والامتنان جمع من محبين سماحتكم
الاستفتاء مرسل بواسطة الشيخ مصطفى احمد الدلفي
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فأما جواب السؤال الأول
فادعاءه للإمامة لم يثبت تفصيلا وإنما ورد إجمالا وجود تلك الدعوى ، ولعله وقع في شبهة كونه أكبر ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد الحسين عليه السلام فتؤول إليه الإمامة إلا أن الإمام زين العابدين عليه السلام دفع هذه الشبهة بتحصيل إقرار محمد بن الحنفية بامامته بعد أن كشف عن ذلك بأمر معجز وهو نطق الحجر الأسود بامامة السجاد عليه السلام. .
إذن هذه دعوى ان ثبتت فلها ظرفها الخاص وقد انتهت بارتفاعه .
واما السؤال الثاني فلا دليل يثبت تأسيس هذه الفرقة من قبل السيد محمد بن الحنفية بل غاية ما يقال انهم ادعوا الانتساب اليه وفرق بين الأمرين، فكثير من الناس ممن ينتحل صفة الانتماء والايمان برسالة النبي محمد صلى الله عليه و آله والإنتساب بنحو من الأنحاء إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام كالفرق الضالّة وهم منهم براء فكذلك الحال مع محمد بن الحنفية .
بل أنه قد وقع خلاف شديد في كيفية نشأة هذه الفرقة وسبب تسميتها فمنهم من قال انها تنتسب إلى كيسان مولى أمير المؤمنين عليه السلام وقيل هو ذاته المختار بن أبي عبيدة الثقفي ...
فالكيسانية - ان كانت موجودة - فهي فرقة ضعيفة وقد اندرست بعد ارتفاع شبهة إمامة محمد بن الحنفية .
وأما السؤال الثالث فالارجح ان بقاءه في المدينة لم يكن تمرداً واعتراضاً على الإمام عليه السلام بل كان معذوراً في ذلك ، حيث كان مريضا لا يقوى على تحمل مشاق السفر والحرب ، وهذا الأمر قد استثمره الإمام عليه السلام فأوكل إليه أن يكون له عينا، فقد روي عنه عليه السلام إنه قال : (وأما أنت يا أخي فلا عليك بأن تقيم بالمدينة فتكون لي عيناً لا تخفي عني شيئاً من أمورهم)، وثبوت تكليف خاص له من قبل الإمام عليه السلام يكشف عن رضا الإمام عنه، كما يجعله شريكاً في واقعة الطف ولو بشكل غير مباشر .
روي انه قال لأخيه الحسين عليه السلام : إنّي ـ والله ـ لَيَحزُنُني فراقُك، وما أقعَدَني عن المسير معك إلاّ لأجل ما أجِده من المرض الشديد.. فواللهِ ـ يا أخي ـ ما أقدر أن أقبضَ على قائم سيف، ولا كعبِ رمح، فواللهِ لا فَرِحتُ بعدك أبداً! ثمّ بكى بكاءً شديداً حتّى غُشيَ عليه، فلمّا أفاق من غشيته قال: يا أخي، أستَودِعُك اللهَ مِن شهيدٍ مظلوم.
وأما السؤال الرابع فإنّ رسالة الإمام الحسين عليه السلام إلى بني هاشم ومحمد بن الحنفية فيها إخبار بأمر غيبي وتقييم للواقع بأن من لحق بي استشهد - أي نال فضيلة الاستشهاد وهو أمر عظيم على المستوى الشخصي - ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح.
علماً أن الفتح يُعَد منقبة عظيمة وخالدة بخلود الزمان لأنه أمره عام ويفتح آمال جديدة للمستقبل ، ولما يترتب عليه من تبصير الناس وتوعيتهم وبقاء الإسلام المحمدي الأصيل إلا أن محمد بن الحنفية مستثنى من ذلك لوجود العذر الشخصي كونه مريضاً، والتكليف بالبقاء في المدينة ليكون عيناً للإمام عليه السلام ، ولذا لم ينال وسام الشهادة كما لم يُدرك الفتح بمعناه الفعلي الذي ما زال المسلمون يستظلون بظله وينعمون ببركاته .
وأما عن عدم مشاركة أولاده :
لم يذكر التأخير سبب تخلف أولاد محمد بن الحنفية عن حضور واقعة كربلاء إلا أن الجواب عن ذلك يدخل في دائرة الاحتمالات التي فيها ما يعذرون وهي :
ربما كان أولاده صغاراً لا تكليف عليهم في الجهاد، وخصوصاً أن ابن الحنفية أصغر من الإمام الحسين عليه السلام وقد كان ابن الإمام وهو علي بن الحسين في عمر الثاني والعشرين عاماً مما يرجح صغر أولاد ابن الحنفية، وقد كان من أولاده الحسن بن محمد بن الحنفية الذي توفي سنة مائة وهو ابن اربعين سنة؟!!
والطف سنة 61 فيكون عمره سنة واحدة.
ولو تنزلنا جدلاً بوجود الكبير فلعل لديه مسؤولية رعاية والده المريض والقيام بشؤون أسرته الكبيرة أو أنه يعمل في إطار عمل والده ليكون عيناً في المدينة للإمام الحسين عليه السلام.
والله العالم
أبو الحسن حميد المقدس الغريفي
النجف الأشرف
٢٩/ ذي الحجة/ ١٤٤١ هجرية
0 تعليق
تنبيه