4‏/3‏/2017

إدارة الموقع

الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة


السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
سيدنا الأستاذ آية الله السيد أبو الحسن حميد المقدس الغريفي (دام ظله)
ما هو رأي سماحتكم الفقهي في الأذان والإقامة للصلوات اليومية في إعلان ذكر الزهراء (ع) بان تقول بعد الشهادة الثالثة تقول (اشهد أن أمير المؤمنين علياً وفاطمة الزهراء وأبناءهما المعصومين أولياء الله ) من باب يعلن الشيعي المخلص عن عقائده الصحيحة في الأذان والإقامة فيعلن للعالم في كل يوم انه يؤمن بتوحيد الله كما يؤمن برسول الله ونبوته ويؤمن بولاية علي أمير المؤمنين حجة الله ويؤمن بإمامته وإمامة أولاده الطاهرين كما يشهد بعصمة الزهراء وطهارتها في أذانه وإقامته فيجعل الشهادة الرابعة للزهراء لا بقصد الجزئية.
ولدكم : الشيخ حسين آل حمدي


الجواب :
الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة

باسمه تعالى
لا بأس بإعلان وتصريح اسم سيدة نساء العالمين الطاهرة المُطهرة والمرأة المعصومة والبتول المُحَدَّثة أم أبيها جدتنا الصدِّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) المظلومة الشهيدة قبل الشروع في الأذان أو بعد الانتهاء من فصوله وإن كان اسمها قطعاً لا يخرج عن الذكر حين الصلاة على محمد وآل محمد بلحاظ كونها داخلة في الآل أينما ذُكروا بل ذكرها حاضر بذكر أبيها (صلى الله عليه واله وسلم) وإن لم يُصرَّح به ، ويكون التصريح باسم الزهراء (عليها السلام) قبل الأذان ببيان صيغة مناسبة منها : الآية (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) ، اللهم صلِّ على محمَّدٍ وآل مُحَمَّد الطيبين الطاهرين المعصومين فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها .
وبهذا يُمكن التخلص من استحداث فصلٍ جديد في الأذان من دون دليل مُعتبر يستند إليه أو دليل ضعيف صريح بالمقارنة يُمكن أن يستند إليه من جهة التسامح في أدلة السُنن أو بقصد رجاء المطلوبية ، حيث يتفق أعلام الطائفة استناداً إلى النصوص الصريحة على أنَّ فصول الأذان والإقامة هي أمور عبادية توقيفية محدودة بحدٍّ معين من جهة الحروف والكلمات والفصول لا تقبل النقيصة فيها أو الزيادة عليها بقصد الجزئية ، وبالتالي ينبغي علينا أن نعبد الله سبحانه وتعالى كما يُريد وليس كما نُريد ! .
ولو أراد الشارع تلك الزيادة بشأن الزهراء (عليها السلام) أو أهل البيت (عليهم السلام) عموماً لبَيَّن ذلك وهو في مقام بيان تمام المراد ولكنه لم يُبَيِّن بل خَصَّ الذكر بإضافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) مقروناً مع الشهادتين في النصوص ، وهذا يكشف عن كون ذكرهم (عليهم السلام) مقروناً مع الشهادتين ليس مطلوباً في الأذان والإقامة وغيرهما من العبادات وإن كان مطلوباً في جهة الإيمان والعقيدة فتأمل .
إذن دلالة النصوص في الشهادة الثالثة تؤكد أنَّ المتكلم في مقام البيان ولكن ليس من جميع الجهات بل من جهة خاصة مُعَينة وهي التصريح بذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) مقروناً مع الشهادتين ، ويكون وجه الإطلاق في تلك النصوص أنَّه أهمل ذكر الوقت والمكان والمناسبة ونوع العمل وبالتالي استفيد من هذا الإطلاق في تلك الجهات للاستناد إليه بذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وغيرهما إلا ما ورد المنع من إتيان الكلام الزائد فيه كالصلاة وحينئذٍ لا يصح التمسك بالبيان الوارد في جهة خاصة وهي ذكر علي (عليه السلام) لتعديته إلى جهة أخرى وهي ذكر الزهراء (عليها السلام) في الأذان بشهادة رابعة أو مُنضَمَّة إلا بدليل آخر ، وإذا استندنا في مشروعية ذكرها (عليها السلام) مع ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى دليل وجود ملازمة عقلية أو شرعية أو عادية بينهما في الولاية والمودة والطهارة والعصمة والحجَّة فهذا لا يكشف عن كون هذه الأمور هي مناط الحكم في مشروعية الشهادة الثالثة ليتعدى منها إلى غيرها بل قد يوجد أمر آخر منها كونه أمير المؤمنين وسيِّد الوصيين وخليفة رسول ربِّ العالمين وإمام المتقين وقائد الغُر المُحجَّلين ولربما هناك ما ليس بظاهر من العلل فيلزم حينئذٍ الاقتصار على مورد النص تعبداً به .
وما ورد من رواية عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) تذكر أنَّ الزهراء (عليها السلام) حُجَّة على أبنائها إلا أنّهاَ رواية مرسلة ضعيفة ولا أصل لها فهي لا تنهض كدليل سنداً كما أنَّ دلالتها ليست نصاً في المطلوب إضافة إلى عدم وجود مضمونها كعلة منصوصة في مرويات الشهادة الثالثة حتى تتم الاستفادة منها في المقام .
ولو أجزنا ذلك تسامحاً فلا يبعد على الناس أن يتذرعوا في طول الزمان بملازمات أخرى مستنبطة فيذكروا كُل ما هو حُجَّة عندهم كالمراجع والفقهاء فيؤدي جميع ذلك إلى قطع الترتيب والموالاة المطلوبة في الأذان والإقامة وبالتالي يُسبِّب بطلانهما .
ثُمَّ ينبغي أن نسأل أنفسنا : هل نُحرز أنَّ هذه الزيادة مما تُقربنا إلى الله تعالى أم تُبَعِّدنا ؟ ، وهل نُحرز أنَّ هذه الزيادة مما ترضى بها الزهراء (عليها السلام) ؟ ، ثُمَّ هل أنَّ هذه الزيادة كاشفة عن شدَّة المودة والولاء لها (عليها السلام) أم أنَّها بخلاف ذلك ؟ ، ولو كانت الزيادات في الأمر التشريعي والعَقدي تعبيراً عن شدَّة المودة والولاء لكان الغلاة كالمفوضة وأمثالهم فيما قالوه وفعلوه في الأئمة (عليهم السلام) أكثر مودة وولاءً علماً أنَّ الدين الإسلامي يمنع من الإفراط والتفريط في قضية الولاء والتوظيف العملي له بما يُخرجه عن المطلوب .
فإن قلت :
لماذا تذكرون الشهادة الثالثة بذكر ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) علماً أنَّها ليست من فصول الأذان فيكون ذلك تشريعاً مُحرَّماً وبدعة باطلة ؟ .
قلت :
إنَّما نذكر الشهادة الثالثة ليس بقصد الجزئية بمعنى أنَّها من فصول الأذان حتى يلزم القول بالتشريع المُحرَّم ولكن نؤكد رجحانها ذاتاً لأنَّ الولاية من متممات الرسالة ومقوِّمات الإيمان ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) بل أنَّها من الخَمس التي بُني عليها الإسلام كما هو معلوم من ضروري المذهب ، ولا يكفي هذا وحده ليكون هو الداعي لذكر الشهادة الثالثة في الأذان لأنَّ ما ذكرنا هو من أحكام الإيمان المتعلقة بأمور العقيدة التي يجب الإيمان بها وليس كل ما يجب اعتقاده يجوز جعله ضمن أحكام الشريعة العبادية التوقيفية من فصول الأذان أو الصلاة التي تحتاج مشروعية الزيادة فيها إلى الإذن كما هو الحال في الأصل فيكون المتيقن هي الفصول المحدودة من غير زيادة وهذا مُقتضى العمل بالاحتياط لوجود الشك في مشروعية هذه الزيادة ما لم يتحقق الإذن فيها ، ولكنَّ المستند موجود لذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وهي الأدلة المطلقة الواردة بشأن ذكر علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث وردت النصوص من الآيات والروايات التي تجعلنا نقطع بمحبوبية اقتران اسمه (عليه السلام) مطلقاً باسم الله سبحانه وتعالى واسم رسوله الكريم بحيث كلَّما ذكرنا اسم الله ورسوله نذكر أمير المؤمنين معهما كما في آية الولاية وآية الطاعة وآية المباهلة التي جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكذا الروايات الصريحة المطلقة التي تقرن ذكر علي (عليه السلام) مع ذكر الشهادتين من دون تقييدها بوقت أو مكان أو مناسبة أو نوع عمل ، ومن الروايات :1- خبر الاحتجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1): [فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله، محمد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فليقل علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ].
2- الخبر المروي في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2): [قال إنَّا أول بيت نَوَّه الله بأسمائنا انه لما خلق السموات والأرض أمر منادياً فنادى اشهد أن لا اله إلا الله ثلاثاً ، اشهد أن محمداً رسول الله ثلاثاً ، اشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً ثلاثاً].
3- عن الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن رسول الله (صلى الله عليه واله) (3): [وان قال في أول وضوئه بسم الله الرحمن الرحيم ، طهرت أعضاءه كلها من الذنوب ، وإن قال في آخر وضوئه أو غسله من جنابة : سبحانك اللهم ــ إلى أن قال ــ واشهد أنَّ محمداً عبدك ورسولك واشهد أنَّ علياً وليك وخليفتك بعد نبيك وأنَّ أوليائه خلفاؤك وأوصياءه ، تحاتت عنه ذنوبه]. وغيرها مما ينبغي مراجعة كتابنا نقض الحكم الولائي لمزيد الاطلاع .
وبيان رجحان ومحبوبية ذكر الشهادة الثالثة لا يعني القول بجزئيتها وأنَّها من فصول الأذان والإقامة بل يؤتى بها بداعي آخر على اختلاف في مباني الفقهاء وآرائهم برجوع بعضهم إلى الاستحباب من دون القول بالجزئية للرجحان الذاتي أو الرجوع إلى التسامح في أدلة السنن أو الاحتياط والإتيان بها برجاء المطلوبية وهذا كلُّه في مقابل مَن يقول بالجزئية المستحبة أو البدعة الباطلة مُطلقاً .
فإن قلت :
يُمكن الاستفادة من النصوص المذكورة بشأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتعدية ما ورد فيها إلى الزهراء (عليها السلام) بأيِّ مناسبة بينهما ، فيكون الأمر فيهما (عليهم السلام) على حَدٍّ سواء في الشهادة لهما في الأذان والإقامة .
قلت :
ينبغي العلم أنَّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو إمام زمانه الفعلي وحجته بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عامة على جميع الخلائق بما فيهم الزهراء (عليها السلام) ، وإمامة علي (عليه السلام) لا تمنع كون الزهراء(عليها السلام) هي حجة أيضاً ولكن على غيره من سائر الناس ، وإذا كان هذا الأمر في جهة الإيمان والعقيدة وكذا كون أحدهما كُفْأً للآخر في الزوجية فهو لا يفرض التسوية بينهما من جميع الجهات حتى في ذكر الشهادة لهما في جهة الأحكام العبادية كالأذان والإقامة وغيرهما ولذا وردت النصوص الكثيرة بخصوصه (عليه السلام) في الكتاب والسُنَّة تقرن ذكره مع ذكر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم) كما ذكرنا ، علماً أنَّه لا يوجد دليل لتعدية هذه الخصوصية وهذا الحكم في علي (عليه السلام) إلى الزهراء (عليها السلام) لأن التعدي من مورد النصوص يتوقف على وجود دليل معتبر وإلا فالاعتماد على مجرد الاحتمال لا يكفي في الاستدلال ، ولو قُمْنَا بتعديتها من هذا المورد العبادي وأشباهه نكون بهذا قد هيَّئنا مساحة واسعة لفقه جديد يُلغي في حساباته التقييد والتخصيص ويعتمد الرأي واستنباط العلة .
فإن قُلت :
إنَّ الصدِّيقة الزهراء (عليها السلام) طاهرة مُطهرة وامرأة معصومة مُحَدَّثة وهي أم أبيها وحُجَّة عظيمة وقد ورد بشأنها عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنَّه قال : [نحن حجج الله وأُمُّنَا فاطمة حجّة الله علينا] وبهذا وغيره تتم مشروعية ذكر اسمها (عليها السلام) في الأذان والإقامة لمقرونية حُجَّتها مع حُجَّة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قُلت :
دعوى كونها حجَّة عظيمة فهو حق لا إشكال فيه وصفاتها كثيرة كما هو متفق عليها وهي أيضاً ممن تجب مودتها وموالاتها وطاعتها والصلاة عليها وهذا ثابت قطعاً، وأمَّا أنَّها حُجَّة الله على الأئمة المعصومين استناداً إلى رواية ضعيفة مرسلة لا أصل لها يدل ظاهرها على كون الزهراء (عليها السلام) حُجَّة على أبنائها الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ولا مانع في ذلك ولكن ليس فيها ما يثبت كونها حجة على أمير المؤمنين (عليه السلام) ومع هذا فليس كُل ما هو حق وحُجَّة يُسَوِّغ لنا أن نجعله في ضمن العبادات التوقيفية كفصول الأذان والإقامة والصلاة ، ولذا ينبغي وضع كُلّ حقٍّ في مكانه الذي وضعه الله فيه ولا نتجاوز الحدود ، فما كان في جهة العقيدة لا نتجاوز الإيمان به وفق المُقرّر ، وما كان في جهة العبادة لا نتجاوز الحدود المُقررة له لكي نُحقق الامتثال في جهتي العقيدة والشريعة بما لا يخرج عن الميزان الذي أراده الله تعالى ، وكما ذكرنا أنَّه لا يوجد دليل على التعدية ، وكون جهة الإيمان بهم (عليهم السلام) من الأصول التي هي أعظم من الفروع كالأذان والإقامة والصلاة لا يُبيح لنا أن نتسامح في الفروع فنزيد فيها ونخلط بين الأصول والفروع في العمل العبادي ونجتهد بذكر أسمائهم في العبادات .
فإن قُلت :
لا مانع من ذكر الزهراء (عليها السلام) في فصول الأذان والإقامة بعد أن ثبت جواز الكلام بين فصولهما .
قُلت :
إنَّ جواز الكلام الزائد للآدمي في الأذان لا يؤسِّس لدليل يُمكن أن نعتمده في ذكر الشهادة الثالثة أو الرابعة علماً أنَّ جواز الكلام مبني على الكراهة في حين يُفترض أن تكون الشهادة الزائدة في الأذان أمراً محبوباً وراجحاً وليس مكروهاً فتأمل ، إضافة إلى أنَّ فتح باب الزيادة في الأذان والإقامة اعتماداً على جوازه ولو كراهة يؤدي بتعاقب الأزمان مع كثرة ما يدخل عليه من زيادات إلى خروج الأذان التوقيفي عن هيئته وعن الترتيب والموالاة وهذا يُخِلُّ في الأذان والإقامة .
ثُمَّ إنَّ رأي أعلام الطائفة من القدماء والمتأخرين والمعاصرين هو أنَّ كلام الآدمي من اللغو بين فصول الأذان والإقامة وهو جائز ولكن على كراهة ولا يبعد أن يكون الكلام الزائد وإن كان حقاً من المكروهات أيضاً ولكن بشرط أن لا تنمحي معه صورة الأذان والإقامة وما يعتبر فيهما من الترتيب والموالاة وإلا فانه يؤدي إلى بطلانهما ، ومن خلال ذلك يُمكن القول أنَّ ذكرها (عليها السلام) مُنْضَمَّة مع صيغة الشهادة الثالثة هو خلاف الاحتياط حيث لم يثبت جزئيتها قطعاً كما لم يثبت استحباب ذكرها .
فإن قُلت :
ما هو مَجرى الأصل العملي عند الشك في إتيان كُل من الشهادة الثالثة والرابعة في الأذان والإقامة ؟ .
قُلت :
مقتضى الأصل العملي في الشهادة الرابعة التي هي للزهراء (عليها السلام) في الأذان هو أصالة البراءة لحصول الشك في التكليف وجوباً أو استحباباً ، وأمَّا الشهادة الثالثة في جهة علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خصوص الأذان واعتبار جزئيتها فهي مجرى أصالة البراءة أيضاً لما ذكرنا ، ولكن لمَّا وردت النصوص المعتبرة المطلقة باستحباب ذكره نصّاً مع الشهادتين فقد حصل الشك في أنَّ مورد الأذان العبادي التوقيفي المحدد بحدود معينة من الشارع ، هل تشمله دلالة هذه النصوص المطلقة لكي يؤتى بالشهادة الثالثة فيه أم يقتصر ذكرها على الموارد التي هي ليست عبادية توقيفية لتكون هذه الموارد مستثناة ؟، فإن قلنا نرجع فيها حين الشك بالمورد إلى العام فإنَّ هذا سيكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز فتأمل ، وإذا قلنا بالرجوع إلى الإطلاقات فهناك قرائن كثيرة تمنع من هذا الإطلاق الذي يشمل العبادات التوقيفية وحينئذٍ يبقى الذكر كفصل مستقل لا يستند إلى دليل محكم ، وبالتالي لابد أن نرجع إلى دليل آخر نعتمده في الذكر وهو أنَّنا مكلفون يقيناً بالشهادة الثالثة في جهتي الإيمان والعمل طبقاً للتصريح به في نصوص كثيرة ولكن يحصل الشك ، هل يصح أن يجري ذلك في الموارد العملية العبادية التوقيفية كالأذان ؟ فمقتضى الأصل العملي هو أصالة الاحتياط بذكره في الأذان ، كما أنَّ إعلان الشهادة الثالثة من أجلى مصاديق إظهار الحق والدعوة إليه وأبرز رموز التشيع وشعائر مذهب أهل البيت (عليه السلام) وهُم الفرقة الناجية قطعاً .


تعقيب :
ولو تنزلنا جدلاً وقلنا بمشروعية الشهادة الرابعة في الأذان أو ذكر تفاصيل في فصول الأذان بالعنوان الأولي إلا أنَّ العنوان الثانوي سيكون حاكماً عليه فيمنعه من ذلك لما تؤدي هذه الشهادة داخل الأذان إلى الاختلاف وحصول الانقسام والنزاع داخل المذهب الواحد إضافة إلى استغلاله من قبل أعداء المذهب للطعن فيه وهذه الأمور يقيناً مما لا ترضى الزهراء (عليها السلام) بحصولها بين شيعتها أيَّدهم الله تعالى ونصرهم وفرَّج عنهم ، وأمَّا ما يفعله بعض الناس في بعض البلدان لا يُثبت مشروعيته كما لا يلزم الآخرين باتباعهم ، وليس لأحدٍ أن يفرض شيئاً على الآخرين من دون دليل معتبر أو أن يتهمه ظلماً وعدواناً بعدم الولاء لأهل البيت عليهم السلام إذا لم يلتزم بفقه العوام وأهوائهم واستحساناتهم فإنَّ الولاء لا تحكمه ألفاظ وإنما يحكمه إيمان وإخلاص في العمل ، والنوايا الحقيقية لا يعلم بها إلا الله تعالى ، وإذا أراد كل أحد أن يفرض رأيه على الناس لدواعي مختلفة فإنَّ مخالفة رأي البشر وأهوائهم لا يبيح لأحد الطعن والتفسيق والإتهام بالضلالة ، لأنَّ مَن يأتي برأي يُخالف إجماع الأمة وسيرتهم المتصلة بالمعصوم يكون مُدعياً بل يُمكن أن يكون مبتدعاً وعليه إثبات ما يَدَّعي بالدليل العلمي والحجة المعتبرة وإلا سيكون من مصاديق الضلالة ، ولكي ننتبه إلى أنفسنا جميعاً ونُحسن ولائنا لأهل البيت عليهم السلام ونصدق معهم ونطيع أوامرهم ونتعلم منهم الأخلاق وحُسن الظن بالآخرين وبالأخص العلماء منهم ، إذا أردنا أن نفرض رأينا بلغة التفسيق والتسقيط والتكفير كما يفعل الوهابيون فسنكون حينئذٍ ممن يسعى لتأسيس مجتمع فاسق حيث يُفَسِّق أحدنا الآخر بدل أن نسعى لتأسيس مجتمع فاضل فأين نحن من الولاء والتقوى ؟!!! وأين نحن من وجوب الإقتداء والتأسي بفكر ومنهج وسيرة أهل البيت عليهم السلام ؟ ، ولا يحق لأحد شرعاً وعقلاً وعرفاً أن يطعن بولاء أحد لأنَّ الضابطة والميزان والنوايا لا يعلمها السفهاء والجُهّال بل يعلمها ويُقيِّمها الخالق العالم الجبَّار ، والشيعة اليوم وبحمد الله إذا كان ولائهم على حدِّ بعض القاصرين يُقاس بإعلان الشهادة الثالثة في الأذان فإنَّهم جميعاً يذكرونها إلا النادر منهم ، وإذا قيس الإيمان والولاء أيضاً بذكر وإعلان الشهادة الرابعة في الأذان فإنَّ الشيعة جميعاً غير موالين إلا النادر الشاذ لأنَّهم لا يذكرونها في الأذان ، وهذا هو منطق الدخلاء على العلم والمعارف الدينية من دعاة التفسيق والتكفير الذين يعتمدون فقه العوام والرأي والهوى ، فليس كل مَن يدَّعي الحب والولاء يكون صادقاً ويُقبَل منه لأنَّ المبتدعة والغلاة يدعون الحب والولاء أيضاً ولكنَّهم من أهل النار والعياذ بالله تعالى ، فاتقوا الله يا عباد الله .
----------------------------------------------------------
1- الاحتجاج للطبرسي ج1 ص 231.
2- أصول الكافي. كتاب الحجة. باب مولد النبي 2 حديث8 / ج1/ص439 .
3 – تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) . المنسوب إلى الإمام العسكري . ص521 .

الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك