21‏/7‏/2021

إدارة الموقع

الشعب أُضحية

 

الشعب أُضحية
.....................................
لا يخفى على المطلعين المنصفين أنّ الشعوب المستضعفة في العالم وأخص منهم بالذكر الشعب العراقي المظلوم، ولشدة ما يُعانية بنحو متواصل من أزمات وويلات وفواجع ذات أبعاد ممنهجة ومبرمجة ومؤدلجة صار أُضحية رخيصة يتنازع ويتصارع حولها سماسرة السياسة من المحتلين وأذنابهم ومرتزقتهم عبر مواقفهم الشيطانية من إثارة الفتن والنزاعات والحروب الطائفية، وممارسة التصفيات الجسدية المنظمة وتفجير المفخخات وإرسال الإنتحاريين بين الآمنين من أبناء الشعب ، وحرق المستشفيات ومؤسسات الدولة ومكاتب الوزارات ذات الطابع التوثيقي لعقود المشاريع الاقتصادية والأمنية و... وحرق مخازن صناديق الإقتراع وما إلى ذلك لأجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية وحزبية وطائفية واثنية ودولية استكبارية، ولم يقتصر الحال في هذه الحرب العدوانية على البُعد الحسّي المادي بل يتعدى إلى ما هو أخطر من ذلك وهي الحرب الناعمة التي تستهدف ظلماً وعدواناً البُنية الدينية للشعب لتذويبها وتضييع معالمها من خلال وسائل كثيرة؛ كإيجاد حركات ضالّة مهدوية وغيرها، والترويج إعلاميا للمُعَمّمين المزيفين ذوي الارتباطات البعثية والصهيونية الذين يُمارسون الكذب والتدليس والدجل، ويتصرفون بما يُسيء إلى العمامة، وهم ممن يتصفون بالجهل والسفه والانحراف الفكري والخُلُقي، بل ومروق بعضهم عن الدّين مع تشبثهم بهذا الزي الشريف لتمرير أغراضهم الشيطانية التخريبية من التنكيل والتجريح والتضليل وأداءً لمهامهم الوظيفية المكلفين بها ، كما أن السعي قائم على استبدال المرجعية الدينية بالمرجعية السياسية لتكون المرجعية الدينية على هامش العمل السياسي لا تأثير لها على الواقع العملي، كما تكون مشورتها غير ملزمة وإنما هي للنصح والإرشاد الروحي حصرا إلا إذا توافق ذلك مع مصالحهم فيرفعوا لها راية ليكسبوا تأييدا بذلك وفق قانون المعايير المزدوجة النفاقية ، وإشاعة هذه الأفكار وغيرها المناهضة للدين والمعادية لرموزه بين الناس عبر الفضائيات ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي لضرب وإضعاف مراكز القوة للمنظومة الدينية، وبالتالي تقسيم الشعب إلى قطع متناحرة حتى يسهل السيطرة عليه ، وكذا محاولتهم الدؤوب لفصل الجماهير عن الفقهاء الأمناء القادة والرموز الرسالية الحرّة باستعمال أساليب الكذب والتدليس والتسقيط والتشهير والطعن ، كما تستهدف طلبة الحوزة العلمية عموماً لخلط الأوراق على الناس وتضييع بوصلتهم لما يُشكّله هذا الخط الرسالي المجاهد من خطر وجودي على الأعداء ومخططاتهم في ميداني التحصيل العلمي والاشتغال العملي لمقاومتهم الجهل والتجهيل والتضليل، ومقارعتهم الدواعش التكفيريين المجرمين، وكشف زيف الدخلاء المنتحلين للدّين والعملاء الخونة المزورين الذين يتلبسون كذباً وزوراً وبهتاناً بلباس أهل الدّين لتضليل الناس بممارساتهم المتهتكة والإنفلات الخلقي ومتابعتهم للغرائز والأهواء والشذوذ بذريعة الحرية الشخصية ومتابعة النُظُم المدنية والليبرالية والعلمانية المنسلخة عن فطرة الإنسان واعتداله، مع تجاهرهم بحضور مجالس اللهو والفسق والفجور، وبما لا يفترق حالهم عن أبناء الدعارة وروّاد الملاهي والمراقص الليلية؛ ولذا وبجهود هذا الخط الحوزوي الرسالي الواعي ومَن يلتف حوله من المثقفين المخلصين تتهدم عملية استبدال رجال الحوزة الغيارى الأشراف الكرماء في مواقفهم و تضحياتهم وشهادتهم بعناصر منتحلة للدّين ورجاله من أرباب العُهر السياسي والجنسي والفكري ممن يتصفون بالنقص الفاضح كالدياثة والتخنث والشذوذ والخيانة والعمالة وداء الحقارة التي تظهر عليهم بوضوح في الإعلام المفضوح من دون حياء أو خجل حيث تلازم مسيرتهم الحياتية وحركتهم السياسية ومواقفهم العملية .
وتشخيص الموضوع في غاية الإنكشاف، كما أن أهداف الأعداء لا تخفى على العقلاء، ومسيرتهم خير شاهد عليهم وموثقة بكل الوسائل التوثيقية المعتمدة من ايجادهم لكل أسباب الفتن والصراعات والنزاعات والتي تحمل طابعاً طائفياً مقيتاً، وقومياً عنصرياً، وطبقياً مجتمعياً جائراً، وحزبياً متخلفاً وعميلاً، مع تقييد ذلك بقوانين المحاصصة والفدرلة والمعاهدات والقوانين والتشريعات الظالمة التي تخدم مصالح المحتل والطبقة السياسية الحاكمة، إضافة إلى سوء أو انعدام أبسط الحقوق والخدمات الإنسانية وتَعَمُّد إفقار الشعب وتعطيل طاقاته الشبابية المتعلمة عن أخذ الدور الطبيعي والمناسب لها في مؤسسات الدولة حتى خلقوا داخل الشعب فجوات وفراغات واسعة تكون مورد استغلال الأعداء لضرب نهضة الشعب وجعله أرخص أُضحية يتقربون بها إلى أربابهم وأصنامهم لنيل مصالحهم الخاصة وتحقيق أهدافهم وكسب رضا أسيادهم من شياطين الإنس والجن.
وعليه ينبغي على الشعب أنْ يَتَنَبّه إلى دنياه وآخرته ويراجع نفسه ولا يغرق في مزيد من أوهام ما تبثه الطبقة السياسية الفاسدة ووعودها الزائفة واجراءاتها الظالمة وأهدافها المتعارضة مع مصالح الوطن والمواطن ، كما لابد للشعب أن يرقى إلى مستوى يليق بانسانيته في تحديد هويته الإسلامية وتشخيص انتمائه وولائه وفق الضوابط والموازين العقدية والشرعية مع مراعاة حقوق الطوائف الأخرى لكي يستعيد وجوده ووحدته وعافيته وتأثيره بعيداً عن التوجهات الضيّقة والانتماءات والولاءات الحزبية التي تكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة والتي مزّقت نسيجه الاجتماعي وخرّبت بُنيته الدينية وحرفت لديه الولاءات الناصعة الطاهرة، كما يتوجب على الشعب التوجه إلى تزكية النفس والتعلم وكسب الخبرة وحسن المعاملة والتعاون والتآلف ونشر المحبة والسلام والتمسك بالدين ورجاله الأمناء الرساليين والابتعاد عن الشبهات والمنحرفين ليُساعد نفسه على تحصيل الهداية والتغيير كما هو المنطق القرآني في قوله تعالى : "إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم" الرعد/ 11 ، و بتغيير النفوس وتطهيرها وتكاتفها تكون الدعوة مستجابة والمواقف ناجعة ومؤثرة حيث الرحمة الإلهية في طرد المحتل ودفع شرور الأحزاب ورفع البلاء والوباء ومضلات الفتن إنه أرحم الراحمين، ونسأله تعالى بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وبكرامة عيد الأضحى المبارك أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، ويرحم الشهداء، ويشفي الجرحى، ويعين الأيتام، والأرامل، ويمنح الصبر والسلوان للثكلى والمنكوبين، ويُعَوّضهم خيراً في الدنيا والآخرة، وأن يُعجّل فرج مولانا صاحب العصر والزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا، وأن يجعلنا من أنصاره.

ابو الحسن حميد المُقدَّس الغريفي
النجف الاشرف
١٠ / من ذي الحجة الحرام / ١٤٤٢ هجرية
21 / 7 / 2021 ميلادي

الشعب أُضحية

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك