أربعين الضيافة الحسينية

(أربعين الضيافة الحسينية)

الضيافة العراقية لزوّار الحسين عليه السلام ليست مجرد دعوى وإنما هي تجربة متكررة عبر سنين طويلة حتى انتهت إلى القطع بأن لا أحد في العالم يستطيع أن يزايد على كرم العراقيين وطيبتهم وحسن ضيافتهم وخدمتهم التي لا نظير لها. 

وقد جعل الله تعالى مرقد الإمام الحسين عليه السلام مقصد أحرار العالم وهجرة المستضعفين إليه مودة به وبالعترة الطاهرة ونصرة لدينه عقيدة وشريعة وحاكمية وتقربا إلى الله تعالى كما جعل العراقيين أهلاً لحمل هذه المسؤولية حتى تلاقت الأرواح قبل الأبدان وتناسقت وانسجمت وأصبحت شبيهة بالمهاجرين والأنصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان العراقيون خير أنصار وأعوان بل أجمل وأحسن وأكرم ضيافة عرفها التأريخ لا يميزون بين عربي وأعجمي، وغني وفقير، وأسود وأبيض وقائد ومقود، ورجل وامرأة، بل لا يفرقون بين طائفة وأخرى، ومذهب على آخر، فالجميع سواء تجمعهم خيمة الولاء لمحمد وآل محمد. 

ومن هنا يمكن القول بأنّ مَنْ أحبّ الحُسين حُبّ إخلاص وطاعة ومولاة أحبَّ زوّاره، ومَنْ ادّعى حُبّه بدافع الرياء والنفاق والمصلحة الخاصة أساء إلى زوّاره؛ لأن إكرام ضيوفه إكرام له، وكما يُحفظ المرء في ولده كذلك يُحفظ في إكرام ضيوفه مهما اختلفت ألوانهم وقومياتهم ومراتبهم الوظيفية والاجتماعية.

وهذا من مصاديق قول الأئمة عليهم السلام وقولهم واحد : كونوا زينا لنا ولا تكونوا شيناً علينا، وكونوا لنا دعاة صامتين بغير ألسنتكم أي بأفعالكم.

والزيارة الأربعينية أعظم تجربة إيمانية وسلوكية تكشف عن واقع الإنسان وحقيقة ولائه، فلنكن جميعا حسينيين بأخلاقنا واصلاحنا وايثارنا وتضحياتنا حتى يحصل النضج والتكامل الإيماني والعملي، وتتآلف الأرواح وتتقارب الأبدان لنكون من الممهدين الصادقين لإمام العصر والزمان الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وعجل فرجه وجعلنا خير الأنصار له .

أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي

من جوار حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.

١٢ / صفر المظفر / ١٤٤٤ هجرية.