#- المرأة الرسالية الكاملة - #
......................................
لقد ثبت بالأدلة القطعية أنّ الزهراء فاطمة صلوات الله عليها هي المرأة الكاملة في كل تفاصيل حياتها منذ ولادتها ونشأتها وإلى إستشهادها فهي حجة في قولها وفعلها وتقريرها؛ فقد كانت المرأة القدوة والأسوة؛ حيث أذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيرا كما في آية التطهير، كما جعلها الله تعالى الممثلة الشرعية عن نساء المسلمين كما في قوله : نساءنا ونساءكم في آية المباهلة؛ بل أوجب الله تعالى على المسلمين مودتها كما في آية القربى؛ ولذا يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها كما هو المتفق عليه بين المسلمين في صحاحهم، فضلاً عن كونها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء الجنة، وأمُّ أبيها وأم الحسنين سيدا شباب أهل الجنة وزوج سيد الأوصياء وخليفة خاتم الأنبياء والمرسلين أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغُرّ المُحَجّلين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وفضائلها وخصائصها ومقاماتها كثيرة جدا لا يسع المقام لبيانها، ولكن مما ينبغي علمه أنّ الزهراء عليها السلام المرأة الأولى في الإسلام التي رفضت صريحاً وبكل جرأة وشجاعة الإنقلاب الذي حصل في سقيفة بني ساعدة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يحتضر وبعد استشهاده خرجت بتظاهرة تحوطها مجموعة من النساء ومعها بعض من بني هاشم حتى خطبت في المسجد بالمسلمين تلك الخطبة العصماء التي فضحت التآمر والانقلاب على الرسالة والرساليين وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر وتذكرهم بما كانوا عليه وبما ينبغي الإلتزام به، كما كانت لها خطبة ثانية حتى أخذت تداعيات ذلك بالعدوان عليها وإغضابها من عدة جهات ظلماً وجورا، وقد ألقت الحجة البالغة على جميع المسلمين برفضها الإنقلاب وكشف قصور وتقصير وتآمر المنقلبين وعدم أهليتهم لهذا التصدي ومنازعة الأمر أهله بما لا يتوافق مع العقل والنقل ومن دون مشورة بحيث وصف عمر بن الخطاب ذلك الانقلاب بأنه فلتة وقى الله المسلمين شرّها، ولكن هي فلتة وانقلاب إلا أنّ شرّها ما زال حاضراً بين المسلمين.
والكلام في ذلك يطول ولكن لابد لنا في ذكرى استشهادها أن نحيي هذه السيرة الجهادية العطرة ونستذكرها كمدرسة حياة متكاملة في مختلف جوانب الحياة العلمية على مستوى العقيدة والشريعة وما يتعلق بالجهاد، وكذا سيرتها الإجتماعية والأسرية، واحترامها لحقوق الزوج والأولاد والتزامها بالعفة والحجاب وعموم أحكام الدّين لتكون بحق وصدق المرأة الرسالية المعصومة التي لابد من اعتمادها كقدوة في رفض الظلم والتآمر والاستكبار، كما تُعْتَمَد كأسوة في صبرها على الأذى في مواجهة الباطل والطغيان ونُصرة الحق والعدل والإيمان.
وجهادها مع أبيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تنزيل القرآن الكريم، كما جاهدت مع زوجها أمير المؤمنين عليه السلام على تأويله إلى حين استشهادها، فلم تكن لاعبة ولاهية في دنياها، بل كانت جادّة ومجاهدة في أداء رسالتها.
ومن هنا يمكن القول بأنّ المرأة المسلمة الصادقة هي العفيفة والشريفة والطاهرة والمُتعَلّمة والمُحَجّبَة المُلتزمة بتعاليم الإسلام، وليس للمرأة أن ترفع هوية الإسلام وهي تسير على خطى الشيطان وأتباعه لتكون أشد عداءً للدّين بجهلها وانحرافها وخيانتها وعمالتها لأعداء الدّين ولو حملت شهادات وما أكثرها وأسهل طرق تحصيلها؛ فهي لا تغني ولا تسمن من جوع، لأنها لا تخرج عن الأميّة الثقافية والزيف المعرفي، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين علماً وإيمانا وعملاً.
ونختم كلمتنا برفع أحرّ التعازي لمولانا الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وإلى فقهاء آل محمد وإلى الموالين، فأعظم الله أجورنا وأجوركم وأحسن لنا العزاء بمصابنا بذكرى استشهاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام وجعلنا وإياكم من الموالين لها والمتمسكين بنهجها الصراط المستقيم الذي خطّه الله سبحانه وتعالى وسلكه النبي المصطفى وآله الطاهرين جميعا، كما نسأله تعالى تعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان وأن يجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابِّين عنه والمستشهدين بين يديه في جملة أوليائه إنه نعم المولى ونعم النصير.
أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي
النجف الأشرف
٢ / جمادي الآخرة / ١٤٤٦ هجرية.
0 تعليق
تنبيه