26‏/9‏/2017

إدارة الموقع

بيان ولكي لا تضيع كركوك


بيان ولكي لا تضيع كركوك
https://drive.google.com/open?id=0B8iWm5IAJgmIQ085SFRNNDVQUFk سماحة آية الله الفقيه السيد المقدس الغريفي (دام ظله) - النجف الاشرف
التاريخ / 18 / 7 /2008 م - الموافق /15/رجب الأصب /1429هـ

قال تعالى : [فَنَقَّبُواْ فِي البِلادِ هَلْ مِنْ مَّحيصٍ] ق/36 . صدق الله العلي العظيم.

في دراسة موضوعية شاملة للوضع العراقي وتداعياته السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية ... وفي خِضَمِّ تجاذبات الكتل السياسية في محاور عِدَّة كان وما يزال أبرزها هو موضوع الفدرالية كنظام مطروح على الساحة العراقية بالرغم من كونه ثبِّتَ في الدستور، وقد تَعَرَضْتُ له في بحث مختصرٍ تحت عنوان ( الفدرالية من منظور فقهي) طرحت فيه رأياً فقهياً صريحاً وفق ما ثبت لدينا من دليل ، ولذا ينبغي مراجعة هذا البحث والإطلاع على تفاصيله ، وليس بخافٍ على أحدٍ إنَّ الكثير من النتائج التي توصلنا إليها في حساباتنا قد حصلت في ظرف أقل من سنة بسبب تداعيات الدعوة إلى تطبيق هذا النظام الفدرالي في عموم العراق وتَخَوُّف الشعب من آثاره السلبية على الوضع العراقي العام وخصوصاً أنَّه طُبِّق في شمال العراق تطبيقاً قومياً وطائفياً انفصالياً في واقعه كما سيأتي الحديث عنه ، وهذه الحسابات والنتائج لم تستند على أسس وهمية أو تكهنات غيبية بل اعتمدت على مقدمات حاصلة وموجودة على الساحة العراقية ولها واقع محسوس ، ولذا كانت النتيجة واضحة لا غبار عليها ، ولا زالت الأحداث تتفاعل في عموم محافظات العراق ليتمخض عنها مقترحاً للسيناتور جوزيف بايدن عضو الكونغرس الأمريكي يكشف فيه عن النوايا المبيَّتة للعراق ومضمون اقتراحه الذي يطلب تحصيل موافقة الكونغرس عليه من أجل حَلْ مشاكل العراق ، والحَلُّ برأيهِ هو : أن يُقسَّم العراق إلى ثلاث دول في الشمال والوسط والجنوب ، وللأسف لاقى هذا المقترح استحساناً صريحاً وترحيباً من قبل الأخوة الأكراد الحاكمين في شمال العراق وعلى لسان الرئيسين الكُرديين جلال الطالباني و مسعود البارزاني وباقي أعضاء حكومة شمال العراق لكون هذا الرأي يتوافق مع طموحات الأكراد بحسب قولهم ، وصار طرف آخر يستخدم التأويل في كلام (بايدن) الصريح ليقول : أنَّ المراد من مقترحه هو الفدرالية الموجودة في دستورنا العراقي وليس التقسيم الذي نرفضه ، وهذا التأويل يُخالف فَهْم رئيس الوزراء نوري المالكي وكثير من السياسيين العراقيين الذين أدانوا صريحاً مقترح السيناتور الداعي للتقسيم ، وكأنَّ هذا التأويل يُريد أن يُحسِّن الصورة ويُبعد شبح التهمة وخطورة الموقف بأنَّ مطلب الفدرالية في العراق يُمكن أن يقع ضمن هذا المخطط الآني أو المستقبلي لتقسيم العراق لا سامح الله ، وطرف ثالث يرى أنَّ الفرصة غير مناسبة لإقامة هذا النظام الفدرالي ونحن في ظل الإحتلال ولا نملك سيادة تؤهلنا للحفاظ على وحدة العراق واستقراره ، وطرفٌ رابع يرى أنَّ الفدرالية العراقية وفق النموذج المُطبَّق في شمال العراق هو التقسيم بعينهِ ، ولذا يجب تحديد المفهوم الصحيح والمناسِب وضبط معالمه وحدوده وآليات العمل به وفق ضوابط رصينة وثابتة لا تخلُّ بوحدة العراق في أرضه وشعبه وسياساته الداخلية والخارجية واقتصاده و.... وطرفٌ خامِسٌ رفض هذا المشروع جملة وتفصيلا لأسبابٍ كثيرة وعرضَ بدلَهُ توسيع صلاحيات مجالس المحافظات بما لا يؤثر على وحدة السياسة مع المركز العاصمة ، ومع ذلك فإنَّ الموجود في الدستور والمطروح على الساحة العراقية وتطبيقات الأكراد له في شمال العراق ليس نظاماً فدرالياً وإنَّما هو نظام كنفدرالي أقرب ما يكون إلى الدولة المستقلَّة إنْ لم تكن هي فعلاً دولة مستقلّة لها أرضها وشعبها ومصالحها وسياستها الداخلية والخارجية على حَدِّ تعبيراتِهِم ولكنَّها ترتبط بالمركز العاصمة فقط مؤقتاً وبخيط رفيع فيما يجلب لها مصالحها الخاصّة ويُحقق أهدافها الستراتيجية كما هو واقع ، فيكون أنَّ الأخوة الأكراد يطمحون في استكمال مطاليبهم وتحقيق كامل إرادتهم من خلال الحكومة العراقية ويستغلّون الظروف العصيبة التي يمرُّ بها العراق للضغط على الحكومة من أجل تحقيق دولة كردستان الكبرى التي توفر لهم دولة مستقلة ومنفصلة قابلة للحياة بضم كركوك النفط إليهم وجزء من محافظة الموصل وجزء من محافظة ديالى ، وجزء من محافظة الكوت وصلاح الدين ....إلخ على نحو تدريجي وبهذا تصبح أرض كردستان تُمَثِّل على الخارطة العراقية ما يُقارب نصف العراق وبتقادم الزمن وتغير هذا الجيل يحصل التطبيع على دولة كردستان المستقلة المنفصلة شأنها شأن الكثير من الدول المتولدة بهذه الطريقة ، ولكنَّنا نقول : إنَّ التعاون لإنجاح هذا المشروع المتكامل الخطير أو التسهيل لضم كركوك إلى الأخوة الأكراد تحت أيِّ ذريعة يكون خارجاً عن إر ادة الشعب العراقي ومنافياً لمصلحة الوطن ، لأنَّ العراق وذرّات ترابه غير خاضعة للبيع والشراء والمساومة بين السياسيين في تحالفاتهم ومصالحهم الفئوية أو الرضوخ للضغوط الخارجية أو الداخلية ، ونتمنى أن يكون الجميع فوق مستوى الشبهات ، وأمّا ما يُمكن أن يتذرع به السياسي هو أنّ قضية كركوك تبحث دستورياً وهي خاضعة للمادة(140) المثبتة في الدستور وعلى هذا الأساس يتم التصويت عليها ، ولكن هذه ذريعة غير مستوفية لشروطها وليست منسجمة مع واقع كركوك ولا تخدم مصالحها الحقيقية ، ولَمَّا كانت المادَّة الدستورية ليست نصَّاً قرآنياً يجب التعبد به ، والجميع يعلم أنَّ الدستور إنّما تمَّ التصويت عليه بنحوٍ إجمالي وليس بنحو تفصيلي والضرورة دعت لذلك لدعم العملية السياسية وتذليل العقبات أمامها من أجل أن لا يختطفها الإحتلال والإرهاب ومِنْ أجِل إخراج المُحتل وليس إبقاءه تحت أيِّ ذريعة ، ومع ذلك فإنَّ النزاع والصراع بين الأكراد والتركمان والعرب وباقي الأقليات مع تدخل دولة تركيا بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا النزاع حول هوية كركوك ومشروع انضمامها إلى اقليم كردستان العراق وما يلزم عن ذلك من تحديد التعداد السكّاني لأهالي كركوك ومعرفة هويتهم والسعي للتغيير الديموغرافي للسكّان وما تقوم به جميع الأطراف المختلفة من تهيأة أسباب ومقدمات هذا العمل مع استغلال هذا الموقف للقيام بعمليات التهجير والتصفية والتفجيرات والتلاعب والتزوير بالحساب والعدد السكّاني كما حصلت عمليات التزوير في التصويت السابق أثناء الإنتخابات النيابية في مراكز كركوك والمثبّت في لجنة المفوضية العليا للإنتخابات ، كما ويُستغل هذا النزاع أيضاً من قبل الإرهابيين والنفعيين والمُحتلِّين لتحقيق مآرب شيطانية تضر بمصالح كركوك ، لذا ومن أجل درأ المفاسد العظمى التي تطال جميع العراقيين وخصوصاً أبناء محافظة كركوك العراق الذين هم أحباؤنا وأبناؤنا واخواننا وشركاؤنا في الوطن بلا تمييز بين طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم وبما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا التي لا تدرك واقعاً أو تنال بالتصويت على قضية كركوك كما هو مخطط لها ، لأنَّ نتائج التصويت مهما كانت نزيهة ولو على النحو الجدلي لا تكون سبباً لحل النزاع والخصومة بل قد تكون سبباً لتعقيدها ، ولو كان التصويت هو الحل لما حصل نزاع وخصومة حول مواد كثيرة من الدستور أو حول سير العملية السياسية وهيكلية الحكومة مع أنَّه قد تمَّ التصويت عليها فتأمل ، وكذلك تأجيل انتخابات المجالس المحلية في كركوك إلى وقتٍ آخر لغرض استكمال بعض الإجراءات الشوروية العامَّة والخاصَّة أوالتهرب من هذه العقدة والدخول في التسويف والمماطلة أو لأجل عقد مساومات وصفقات بين القوى السياسية فإنَّ جميع ذلك لا يُشكِّل حلاًّ دستورياً ولا وطنياً ، بل هو مما يُفَرِّع على الأزمة أزمات فتدبر ، هذا وبسب تأخير معالجة المادة الدستورية(140) أو الغاؤها فقد تداخلت الأمور في طرح تطبيق المادَّة(140) و تزامنها مع وقت انتخابات المجالس المحلية في عموم العراق ، ولذا اقترح السياسيون عدَّة معالجات لقضية كركوك منها :

أولاً : تطبيق المادّة(140) من الدستور وبالنتيجة يتم التصويت على انضمام كركوك لإقليم كردستان وهو مطلبٌ كردي ، والنتيجة في هذا الأمر معلومة ومحسومة مسبقاً لصالح الأخوة الأكراد وبأيِّ طريق كان .

ثانياً : أن تخضع كركوك لإقليم خاص بها يضم جميع القوميات والأديان ، وهذا ضَرْبٌ من الجنون ، حيث ستصبح كركوك ملعباً مفتوحاً لتفجير طاقات كل القوى وأرباب المصالح وبالتالي سيخسرها العراق وسيخسر أبناء كركوك محافظتهم .

ثالثاً : تُقَسَّم كركوك إدارياً وفق محاصصة لكل المكونات القومية وبإدارة مجلس المحافظة وبنسَب يتوافقون عليها بحيث تصبح كركوك عبارة عن ممالك وولايات صغيرة أي كنفدراليات داخل كنفدرالية وما أدراك ماهي ؟ نار حامية .

وهذه طروحات غير صائبة بل هي قنابل موقوتة تستهدف العراق بكركوك وأبنائها ، ويغفل السياسيون عن كون كركوك محافظة يشترك فيها جميع العراقيين كما هو حال باقي المحافظات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، ولذا ينبغي أن تخضع محافظة كركوك فيما هو الرأي الراجح إلى العاصمة لتوحيد أبنائها ودرأ الخطر عنهــا ، ويتم تعديل المادّة الدســتوريـة(140) فيها أو إلغاؤها أو تفسيرها بما ينسجم وواقع مرجعيتها إلى العاصمة ويكون إلغاؤها أفضل من ترقيعها ، وتكون نسب أعضاء مجالس المحافظة متساوية بين القوميات الثلاث أو بما يمنع طغيان وتسلط أحدهما على الآخر مع مراعاة حقوق الأقليات ويكون الجميع على المحك الوطني الذي يستكشف النوايا الحقيقية للجميع، ويكون هذا الموقف الخلافي محفزاً للجميع لكي لا يتركوا المواد الدستورية المتنازع عليها بلا حلول سليمة ولكي لا تكون مبرراً ومسوّغاً وذريعة لظهور المستبدّين الديكتاتوريين في المستقبل فينسفوا الدستور جملة وتفصيلا ، هذا وأنَّ مَنْ كتَبَ الدستور ليس بمعصوم كما أنَّ الدستور لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا ولا يحمي نفسه وإنَّما الشعب هو من يحمي الدستور إذا توفرت لديه القناعة الكاملة فيه والتي تحصل بموافقة موادِّه وبنوده لإرادة الشعب الطالبة للعدل والإنصاف ، ولذا قامت لجنة كتابة الدستور بتغيير واعادة بعض بنود الدستور مراعاةً لمتطلبات الحياة العراقية والتي يجب أن تكون قضية كركوك جزءاً من هذا التغيير . هذا ومن جملة المخاطر أنَّ الأخوة الأكراد وبالرغم مِنْ كونهم لم يُعلنوا انفصالهم رسمياً عن العراق ولم تكن الفرصة لهذا الأمر حاصلة لوجود بعض المتعلقات والعوائق الداخلية والخارجية ولتصفية وَحَل قضية المناطق المختلف عليها جغرافياً والتي يصطلحون عليها الأراضي المتنازع عليها وكأنَّهُم دولة غريبة في مُقابل دولة أخرى يتفاوضون فيما بينهم لحل قضايا الأراضي المتنازع عليها ، والأكثر من ذلك أنَّ إقليم كردستان في شمال العراق أسَّسَ وزارة خاصَّة لمتابعة هذا الشأن بإسم (وزارة الأراضي المتنازع عليها) ومع كُلِّ ذلك أنَّهُمْ يتصرفون في هذه الأراضي وكأنَّها تحت سيطرتهم فعلاً مِنْ خلال تدخلاتهِم وبسط نفوذِهِم إضافَة إلى أنّهم أنشأوا عقوداً لأستثمار النفط والغاز وَصَلَ عددها إلى السبعَة عشر عقداً مع شركات عالمية نفطية مشاركة في الإنتاج غالبيتها شركات غير معروفة لتعمل في مناطق كردستان وفي أجزاء خارجة عن حدودهم الجغرافية من أراضي الموصل وديالى وصلاح الدين وكركوك والكوت من دون علم الحكومة العراقية ، وفي هذه التصرفات والتجاوزات والمطالبات التي لا تنتهي ينكشف للجميع أبعاد الخطر الشامل على مصالح الشعب العراقي عموماً ولمنافاة ذلك للعدالة وللسياسة العراقية التي يجب أن تكون موحدة في إطار المصلحة العليا للوطن ، كما يُعَدُّ هذا تلاعباً وتجاوزاً على حقوق الشعب العراقي ، إضافة إلى أنَّ التصرفات الكيفية عموماً مِن بعض المسؤولين الأكراد وعلى مستوى عالٍ والكاشفة عن عدم مبالاتِهم بالآخرين وعدم الشعور بالمسؤولية إتجاه الشعب العراقي والأمَّة العربية والإسلامية عموماً بشأن قضية فلسطين المركزية ومحاربة إسرائيل لشعوب المنطقة والإضرار بها وانتهاك جميع الحقوق الإنسانية والمقدَّسات ...إلخ كما قد حصلَ في موقف الرئيس العراقي جلال الطالباني الكردي القومية وقيامِهِ بمصافحة الإسرائيلي إيهود باراك وزير الحرب الإسرائيلي على هامش مؤتمر الإشتراكية الدولية المُنعَقِد في أثينا (اليونان) عام2008م نهاية حزيران ، وقد سَبَقَهُ لهذا العمل المُشابه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الكردي عندما صافح المسؤول الإسرائيلي في مجلس الأمم المتحدة وكذا حضور السفير العراقي الكردي لدى الأمم المتحدة الإحتفال الصهيوني حول المحرقة اليهودية " الهولكوست" ، إضافة إلى تجرأ حكومة كردستان بمطالبة الحكومة العراقية بالتوقيع على وثيقة مماثلة لوثيقة اعلان المبادئ مع الولايات المتحدة الأمريكية في حينِها لكون رئيس الوزراء المالكي وقع تلك الوثيقة مع الرئيس الأمريكي بوش لإعلان المساواة والنِدِّية بين حكومة الإقليم وحكومة المركز ، وكذلك في حديث صحفي لرئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني وقوله : لا مانع لدينا أن توجد قنصلية لإسرائيل في كردستان إذا ارتأى العراق أن يفتح سفارة في بغداد . وهذا يعني أنّه لا مانع لديه في المبدأ من إقامة هذه العلاقة في جهة استقلاليتهِ لولا العراق ، وهذا الإنفتاح الكردي نحو إسرائيل وبما لا نعلم ما يدور خلف الكواليس وعدم إلتزامهم بسياسة موحدة مع حكومة المركز وعدم مبالاتِهم لإرادة الشعب العراقي وشعوب المنطقة أمرٌ ينبغي على الشعب العراقي أن يُعلن رفضه الصريح لتلك المواقف كما أنَّ على الحكومة الوطنية أن لا تستهين به ولا تجد له ذرائعاً وهمية فهو أخطر من الإرهاب على العراق فكونوا حذرين من التساهل والتسامح والتدرج في العلاقة الذي يؤدي إلى فرض سياسة الإستسلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني مستقبلاً حتى لو كان صورياً ، وهو أمرٌ يَخِلُّ بشرعية وعدالة ووطنية العاملين على ذلك . إذن المعاملات الكردية وعلاقاتهم والمطالب الكثيرة التي لا تنتهي إلى حد تحتاج إلى نَفَس وطني شجاع من أجل المصارحة والمكاشفة معهم وبلا حياء أو تردد كما هُم يفعلون ذلك من أجل إيقافهم عند حدود معينة لكون بعضها يؤدي إلى التمييز العرقي وتقسيم البلاد والبعض الآخر يدخل في دائرة الفساد والأمر الثالث تدرجَهم بتطبيع العلاقة مع إسرائيل ...إلخ ، وللأسف أنَّهُم إضافة إلى ذلك أصبحوا يؤسِّسون لأدبيات دولة الأكراد القومية المستقلة باستعمال ألفاظ ومصطلحات وقوانين تمييزية وعرقية كقولهم مصلحة الشعب الكردي وحقوقهِ واستثماراتهِ وحدوده الجغرافية وعلاقاته الخارجية ودستوره .... إلخ ومن ثَمَّ تأسيسه لوزارة الأراضي المتنازع عليها ليتم بهذا ممارسة نفس الوضع الذي يعيشه العرب في نزاعهم مع إسرائيل حول الأراضي ، في حين أنَّ العراق أرضه واحدة من الشمال إلى الجنوب وليس فيه إلاَّ شعباً واحداً وهو الشعب العراقي الذي يضم بين حدوده كل أطيافِه الدينية والمذهبية والقومية ، والإختلاف فيهم لا يمنحهُم حق الإستقلال والإنفصال ولو صورياً حتى بلفظة الشعب الكردي أو الشعب التركماني أو الشعب العربي لأنَّ هذا يؤسِّس للتمييز العرقي بين أبناء البلد الواحد الذين تربطهم جميعاً روابط كثيرة مشتركة ومتجذرة ، ودعوى أنَّ هذا السلوك في ظل نظام فدرالي بهذه الصورة يُخَلِّصنا من الديكتاتورية المستبدة التي عانينا منها على طول الزمن والتي نرفض الرجوع إليها بأيِّ حالٍ من الأحوال هي دعوى واهمة وباطلة ، لأنَّ هذا النظام الفدرالي هو من يؤسِّس لتقسيم العراق وهو مَنْ يؤسِّس لإيجاد ديكتاتوريات مستبدّة على رأس كل إقليم فتتعدد القيادات الحاكمة المستبدة وكُلٌّ يحمل حُجَجَهُ و ذرائعه ومُبرِّراته القانونية والدستورية للعمل بالإستبداد الواقعي داخل إقليمهِ ، ويصبح الشعب العراقي مُشتتاً طائفياً وقومياً واثنياً ويبقى مظلوماً ومتفرجاً ويصبر على الألم والإضطهاد والمعاناة قهراً ، وهنا لابد من القول أيضاً : أنَّ الدولة بجميع أجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات المتنفذة فيها إن لم تتدارك الوضع لمعالجة هذه القضايا وحسمِها فإنَّها ستكون وفي ظل هذه السياسات مسؤولة بل ستكون هي مَنْ تفسح المجال لخلق أسباب المعاناة والظلم والتشتت والتقسيم لتسامحها في هذه الأمور من دون علاج جذري لها، ومع كُلِّ ما قرأتموه وغيره الكثير فإنناَّ نسمع اليوم مراراً وتكراراً القول بأنَّ التجربة الفدرالية الكردية ناجحة في شمال العراق ، ولكن هذا تصورٌ خاطئ لأنَّ مقياس النجاح لا يُضبط من خلال بسط نفوذ بعض الأحزاب على الإقليم وتحقيق بعض مشروعهم القومي الذين يُطالبون دائماً بإستكماله من خلال استكمال مقومات انفصالهم الكُلِّي عن العراق على حساب مصلحة الشعب العراقي والسياسة الوطنية العادلة والأرض والموارد النفطية والمائية التي يجب أن تستوعب جميع البلاد ، وعليه فالنجاح هو ما يجب أنْ يشمل خيره لجميع العراقيين وليس لقومية أو طائفَةٍ محددة وفي أرضٍ منعزلة ، بل هذا دليل فشل ويؤكده ما ذكرناه من بعض سلوكياتهم و خروقاتهم للدستور وانعزالِهم ضمن سياسة خاصَّة ورفضِهم لمشاركة باقي العراقيين من العرب والتركمان ... في وظائف حكومية داخل إقليم كردستان وفق نظرةٍ قومية ، وكذا رفضَهم للأكراد الفيلية للتمثيل النيابي والتوزير في حكوماتهم وفق نظرة مذهبية لكون (الفيلية) من الأكراد الشيعة ، وفي المقابل يشترك الأخوة الأكراد السنَّة مع باقي إخوتهم العراقيين في جميع مؤسسات ودوائر الدولة العراقية وبأرفع المستويات الوظيفية ، وهذا ترسيخ فاضح للبُعد القومي والمذهبي ، إضافة إلى إلحاحهم اللا مشروع لضم الكثير من مناطق العراق إلى إقليم كردستان ليكون تحت نفوذهم السلطوي الرسمي وكذلك مواقفهم العملية السلوكية من مجاملة قادة الكيان الصهيوني وإلى الكثير من المفردات السلبية والمؤاخذات الجماهيرية عليهم ، فكيف يأمن ويطمئن العراقيون بما فيهم أهالي كركوك إلى تسليم كركوك إلى الأخوة الأكراد تحت أيِّ ظرف وهم يسيرون وفق مخطط أيديولوجي يتنافى مع المصالح العامَّة للبلد ؟! وهذا جميعه هو دليل فشل لهذه التجربة الفدرالية وليس دليل نجاح فيما يزعمون ، ومن هنا نهيب بالشعب العراقي والحكومة والمجلس النيابي والكُتل السياسية الوطنية أن لا يسمحوا بتضييع هوية كركوك العراقية فإنَّها ليست كردية ولا تركمانية ولا عربية بل هي عراقية ولكلِّ العراقيين وعلى الجميع أن يرفض كُلّ المساومات الإنتهازية والتحالفات السياسية الهادفة لتطبيع الوضع فيها لمصلحة أيِّ قومية فيها لأنَّ هذا يُعَدّ ظُلماً وجُرْماً في حق الشعب العراقي ، ولذا على الدولة العراقية أيضاً أنْ تمنع حصول أي تغيير ديموغرافي في كركوك طمعاً في فوز الإنتخابات القادمة لمجالس المحافظات أو غيرها من أجل كسب ما يطمح إليه الأكراد من تكريد هوية كركوك وضمَّها إلى الإقليم ضمن مشروعهم التوسعي القومي ، ولذا نؤكد على ضرورة خلق توازنات توافقية مشروعة بين جميع الأطراف وبآليات مدروسة حكيمة لضمان صيرورة عائدية كركوك إلى جميع العراقيين وتحت إشراف حكومة المركز العاصمة وإدارة مجلس محافظة كركوك المتساوي في نسبة أعضائه بين العرب والأكراد والتركمان ، مُضافاً لما ذكرنا فإنَّ مسلكية إقليم شمال العراق وللأسف الشديد أنَّهُم كلَّما شعروا بضيق وخناق استنجدوا بالحكومة العراقية ، وكلَّما عاشوا برخاء وهدوء تجدهم منفصلين عن الواقع العراقي ليعيشوا في عالمهم الخاص ، وهذه بوادر لممارسات هي من المؤكد خطيرة ولو في المستقبل . وعلى كلِّ حال فإنَّ دعوى أنَّ هذا النظام الفدرالي يُوفر لهم الحماية والأمان ويضمن لهم الحقوق ويُحقق لهم الخلاص من الديكتاتورية المركزية واستبداد سلطات المركز كما كان على عهد الأنظمة السابقة فهي دعوى وتخوّف لا يعدوا كونه احتمالاً ضعيفاً لم يستند إلى أمر واقعي وخصوصاً وهم في ظل وضع قد حققوا فيه مكاسباً وانجازاتٍ كثيرة على صعيد الحاكمية والنفوذ والمال منذ تسعينات القرن العشرين وبرعاية الأُمم المتحدة وفي ظِل نظام البعث الصدَّامي المقبور ، إضافة إلى أنَّ هذا الإحتمال الضعيف يُقابله احتمال أقوى وهو حصول ديكتاتورية في سلطة الإقليم الفدرالي فنكون قد هربنا من ديكتاتورية النظام المركزي إلى ديكتاتورية النظام الفدرالي في الأقليم ولعدم وجود ضمانة حقيقية تمنع من حصول ذلك ، وخصوصاً فيما لو كانت المناخات غير مكيَّفة والإستعدادات غير جيِّدة والحقوق غير متوازنة والنظام غير متكامل والأهلية غير متوفرة ليفرز عن ذلك كلِّه صراع داخل الإقليم بين القوى المتنازعة والمتنافسة على المناصب والمكاسب وبالتالي يتم اللجوء إلى القوَّة والقهر لرؤية كُلٍّ طرفٍ منهم أنَّهُ هو الأولى والأصلح للقيادة والحُكم فترتكب لذلك مفاسد كثيرة وتنتهك حرمات كبيرة تحت مبرّرات ومسوِّغات مصطنعة وبإسم القانون وشرعية النظام الدستوري الفدرالي ، وهذا عمَلٌ وأسلوب استبدادي تسلطي ديكتاتوري فيكون منطقهم حينئذٍ داخل الأقاليم هو الحكم للأقوى وليس للأفضل . فتكون دعوى الخلاص من الديكتاتورية المركزية دعوى في غير محلِّها لوجود أساليب متعددة وطرق متنوعة للخلاص من الديكتاتورية تكون مشروعة وهي أسلَم وأقرب إلى الواقع من إقامة نظام فدرالي في عموم العراق ، والذي هو في واقعه نظام كنفدرالي وهي تسمية أدق وأصح لإرجاع الأمور إلى مسميَّاتها الحقيقية ، ثمَّ كيف تتسرب الديكتاتورية إلى نظام حكم ديمقراطي دستوري وهم على قمَّة هرم السُلطة ؟ !!! ، ثُمَّ كيف نتخوَّف من تسلُط الديكتاتورية من جديد ونحن في ظل نظام دستوري ديمقراطي ؟! ، إذن لابد من وجود خلَلٍ كبير في ديمقراطية العراق والقوى اللاعبة على ساحتهِ ولذا يُثار هذا التخوِّف من عودة السياسة الديكتاتورية ، ثمَّ لو تسلط الديكتاتور في ظل النظام الفدرالي على حكومة المركز الضعيفة واغتصبها تحت أيِّ عنوان أو على أحد الأقاليم فإنَّه حتماً لا يستأذن ولا يترخص من الشعب في ممارساته الطغيانية ولا يلتزم بمواد الدستور ولا يمنعه النظام الفدرالي من ذلك ، وإذا صارالأمر بهذا الحال فإنَّه سيخلق المشاكل الداخلية والخارجية أو يُحارب وحينئذٍ لا تسلم الأقاليم من شرِّه حتى لو أعلنت انفصالها أو أغلقت حدودها وكذا الحال فيما بين الأقاليم ونكون قد وقعنا فيما نحذر منه ونخاف ، وحينئذٍ فالإقليم لا يُحقق مبتغاه فيكون إحتمال تسلط الديكتاتور على الحُكم ومؤسسات الدولة قائم بنسبةٍ متساوية سواء كان النظام فدرالياً ليحصل التسلط في الإقليم أو المركز العاصمة أو كان نظام الدولة غير الفدرالي وبالتالي لا يكون الإقليم وغيره في حصنٍ حصين لأنَّ نوع النظام الإداري ليس له مدخلية واقعية في منع تسلط الطغاة كما ليس من شأنِه جلب الأمن والقوَّة بل الشعب الواعي والقيادة الوطنية العادلة الأمينة المراعية لشؤون ومصالح الشعب هُمَا مَنْ يجلبا ذلك ، إضافة إلى أنَّ النظام الفدرالي يُضيِّع على الأكثرية في بلدنا فرصة حاكمية جميع العراق بوطنية وعدالة واستقلال وفق قواعد النظام الوضعي الديمقراطي ، كما أنَّهم يُصبحون مُحاصرين ومهددين بالفتن والصراعات والسقوط داخل إقليمهم فينعكس هذا الضعف أو السقوط على الطائفة أو المذهب أو القومية وهذا من أخطر النتائج التي تُهدِّد العراق وشعبه ، والحديث في هذا المجال طويل وعميق . وأما ما يدور على لسان بعض السياسيين من استعراض مزايا النظام الفدرالي وتشبيهه بنظام دولة الإمارات العربية المتحدة وكذا الولايات المتحدَّة الأمريكية وغيرها فهذا غير صحيح للفرق الشاسع بينهما في الظروف وفي طبيعة تأسيس هذا النظام ، لأنَّ هذه الأنظمة العالمية الفدرالية إنَّما بُِنيَت بالإتساع وتقوية أواصر بلدانها اجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي تجنيها من اتحاد هذه الإمارات والولايات والدول ذات السيادة المستقلَّة والمتجاورة والراغبة بمحض إرادتها للإتحاد ، وهذا يختلف عن النظام الفدرالي في العراق المبني على التجزأة والتضييق للبلد الواحد وفي ظل سيادة منقوصة إن لم نقل معدومة والتقسيم الحاصل وفق الطبيعة الجغرافية لمناطق العراق التي يتمحور أبناؤها وقادتها بسياسة طائفية أوعرقية من أجل الدفاع عن حقوق أبرز عنوان يجمعهم وهو المذهب أو القومية ولإستمكان ذلك في نفوسهم بما لا يمكن التهرب من هذه الحقيقة حتى لو صرخ الجميع برفض الطائفية والعنصرية فإنَّ الواقع السلوكي يفرض نفسه على الساحة كما حصلَ في الإنتخابات والحكومة والمُحاصَصة والتعيينات الوظيفية والمكاسب المتنوعة الأخرى ، ومما يزيد في توليد الحسّاسيات والنعرات انحصار كل طائفة أو قوميّة في إقليم ليترسخ ويتجذر فيهم البعد العصبي والطائفي وبالتالي يُضعف القدرة المجموعية للبلد الواحد ويتم تشتيتها في اطار سياسات طائفية أو عنصرية أو ديكتاتورية أو انفصالية أوعميلة أو غير متعاونة ....إلخ ليتغلب هذا الطابع السلبي المعيَّن على مسيرة أبناء كل طائفة أو مذهب أو قومية ليحرصوا على هويتهم وانتمائهم الضيِّق دون الحرص على الإنتماء للوطن والمشتركات العامّة بين الجميع أو يكون الحرص الوطني بنسبة ضعيفة لا يرقى إلى المستوى المطلوب أو إلى حد الوسط فيؤثر هذا سلباً على المسيرة العامَّة في البلد ، وبهذا نكون قد ساهمنا في تأسيس وتحقيق مقدمات المشروع الصليبي الصهيوني في العراق ، إضافة إلى ذلك كلِّه هو ما يترشح اليوم عن الأهداف الأمريكية في العراق في ممارساتها لبعض التطبيقات العملية لتقوية المشروع الأمريكي الإستراتيجي في المنطقة ليخدم مصالحها الخاصّة كما هي الرغبة بعقد اتفاقية أمنية طويلة الأمَد مع الحكومة العراقية تُشَرِّع لهم البقاء في العراق ، وكذلك إبرام عقود استثمارية للنفط والغاز طويلة الأمد تكون هي مشاركة في الإنتاج الوطني وكذلك الحال في تشكيل (الصحوة) لتعمَل معَهُم ضِمْنَ شبكة تجسّسية واسعة النطاق وميليشيا شعبية ضاربة من داخل الشعب وكيان سياسي جديد وكُلُّ هذا يجري وفق دعوى حماية مصالح العراق ومحاربة الإرهاب ، ولكنَّ هذه الصحوة تختلف دوافعها عن الدوافع التي من أجلها أسّست الحكومة صحوة الأنبار ، ومن الجدير بالذكر أيضاً أن نشير إلى ما تضمنه خطاب الرئيس الأمريكي بوش في2008/1/30 م من أنّ هذه السنة الجديدة(2008م) ستشهد في العراق حروباً ومعاركاً دامية و فعلاً قد حصلت كما في محافظة البصرة ومدينة الصدر وبعض محافظات ومدن العراق . وحتماً أنَّ كثيراً من أسباب وآليات وأدوات هذه الحروب هِي بيد قوَّات الإحتلال كفى اللهُ العراقيين شرَّهُم ووجودهم في العراق ، وحفظ الله العراق ووحدته أرضاً وشعباً ، وفرَّجَ اللهُ عن كركوك أزمتها وفتح لها أُفُقاً عادلاً بما يضمن سلامتها ووحدتها والتصاقها بالعراق الحبيب الذي يستوعب الجميع عرباً وكُرداً وتركماناً وكذا باقي الأقليات ، ونود أن نُشير هنا إلى أنَّ ما نطرحه في هذا البيان وغيره إنَّما يصدر بدافع الحرص على الوطن وشعبه وقد كفل الدستور للعراقيين ذلك ، ولا ينبغي تفسيره على نحو سلبي إتجاه أيِّ طائفة أو قومية أو كتلة سياسية ، لأنَّ المطلوب من الجميع في عراق ما بعد الطاغوت أن يُساهموا في بناء عراق مُوَحَّد جديد ولو بكلمة صادقة ونصيحة هادفة وحركة فاعلة وابتكارٍ متقدّم يسير نحو الوحدة والسلام والإزدهار، والإختلاف في الطروحات ووجهات النظر إنَّما يخدم المسيرة ويفتح آفاقاً واسعة ويكشف عن حلول ناجعة ويختصر الزمن ويطرد الآفات المفجعة ويمنع من الوقوع في الخطأ و الإستبداد. ونسأل الله تعالى تعجيل الفرج لصاحب العصر والزمان منقذ البشرية ومخلصها من الدجل والبدع والإختلاف والظلم والإستبداد ....آمين ربّ العالمين .

بيان ولكي لا تضيع كركوك

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك