8‏/12‏/2022

إدارة الموقع

الحكم الشرعي لإنشاء السدود المائية والخزانات على مجرى المياه الطبيعية

 

إلى سماحة آية الله الفقيه السيد أبو الحسن حميد المقدس الغريفي (دام ظله) ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نورد إليكم بعض الاسئلة ونطلب من سماحتكم الإجابة عليها إثراءاً لبحثنا في اعداد رسالة ماجستير دراسة عن السدود المائية والخزانات العملاقة على مجرى الأنهار الدولية ، ونحتاج إلى بيان رأيكم الشريف بتعاونكم معنا وتلبية طلبنا وفقكم الله لكل معروف وخير .

قد اجازت الشريعة إقامة السدود لما شرعت لأجلها من استدامة الحياة والتغذية وهو ما فيه المنفعة للصالح العام ، واليوم نلاحظ قد افرط بهذه المشاريع العملاقة بتعسف على الصالح العام وهذا ما دفع للاضرار بحياة الانسان والحيوان والنبات ، حيث تم تجاوز جميع التشريعات في النصوص القرآنية والاحاديث الشريفة التي اباحت ذلك الحق للجميع فمن اين جاءت مشروعية تلك السدود .

۱ - ما مشروعية إقامة مثل هذه السدود والخزانات على مجرى الأنهار الدولية ؟
۲ - ان كان لهذه السدود مشروعية فهل من شروط واجبة وملزمة لها ، تحد من تعسفها او تجاوزها على حقوق الدول المجاورة المستفيدة من النهر ؟
۳ - هل من الممكن الاحتكام إلى الاتفاقيات الدولية المعتمدة لفض ما ينشا من نزاعات بين الدول المستفيدة من النهر الدولي لرفع الاضرار جراء انشاء هذه السدود والخزانات .
لا سيما ان بعض هذه السدود لها غايات سياسية منها تجفيف الانهر والتضيق الاقتصادي .
فما هو الحكم الشرعي في ذلك ؟ وهل يجوز التعدي على مجرى المياه المباحة ؟


باسمه تعالى  

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

من الواضح أن الأنهار الكبيرة والبحار والعيون المُصَدِّرة لمائها تكون من المباحات الأصلية والموارد المشتركة التي ينتفع منها جميع من كان على مجرى تلك المياه بدءاً من بلد المنبع وانتهاءً ببلد المصب ، فتأخذ منها الشعوب قدر احتياجها وفق ما هو متعارف عليه من الإستعمالات كالشرب والتغسيل وسقي الدواب والأراضي الزراعية  ، وأما بالنسبة لوضع السدود على مجرى مياه الأنهار لخزنها أو استخدامها في توليد الطاقة فهو جائز بحسب العنوان الأولي بلحاظ كونه فعلاً مباحاً ما لم يُحدث ضرراً على الآخرين حيث (لا ضرر ولا ضرار) من جهة التسبيب في انحسار المياه عنهم أو قلته بحيث لا يفي بحاجاتهم الضرورية المتعارف عليها ليكون مثل هذا التصرف حراماً بالعنوان الثانوي .

ومع حصول فائض في المياه واستيفاء الشعوب لحصتها وسد حاجتها ، فلا بأس حينئذٍ بوضع السدود للإستفادة منها في غير ما هو متعارف عليه.

وهذا السياق العام في وصول الماء إلى الجميع من مقتضيات اشتراك الماء بينهم لقوله (صلى الله عليه وآله) : (الناس شركاء في ثلاثة : الماء والنار والكلأ) المشهور بين العامة والخاصة .

وأما الإحتكام للإتفاقيات الدولية لتقسيم الحصص بين الشعوب المُطِلَّة على مجرى هذه الأنهار الكبيرة أو لفض النزاعات بينهم فلا بأس به في حد ذاته لكونه من الأمور الإدارية المستحسنة التي تُجَنِّب الجميع الوقوع في الضرر وإن الصلح خير ، ما لم يكن منفذاً لتسلط الإستكبار العالمي على موارد الشعوب والتحكم فيها تبعاً لسياساتهم الخاصة ومصالحهم الضيقة .


الحكم الشرعي لإنشاء السدود المائية والخزانات على مجرى المياه الطبيعية

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك