بيان السقوط
سماحة آية الله الفقيه السيد المقدس الغريفي (دام ظله) - النجف الاشرف
قال تعالى : [إن يمسسكُم قرحٌ فقد مَسَّ القومَ قرحٌ مثلُهُ وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شُهداء والله لا يُحبُّ الظالمين] آل عمران/140 .
إنَّ الدورة الحياتية في عالم الدنيا تنقلب في مساراتها وفق الأسباب الطبيعية للقوّة الحركية لنشاط العاملين عليها سواء في المناهج الفكرية العقائدية أو السلوكية التطبيقية ، ويكتسب هذا العمل فكراً وسلوكاً وقيادةً مشروعيته بالنص والتعيين كما في الجعل الإلهي للنبوة والرسالة والإمامة أو بالنص العام الذي يجري الانطباق فيه على عناصر متعددة ومتجددة باستمرار على طول الزمان فيمن تتوفر فيهم الشروط الشرعية لقيادة الأمة باعتبارهم الامتداد الطبيعي لمنهج وسيرة المعصومين (عليهم السلام) وحركتهم على الأرض ، ولذا قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم في وصيته لأبي ذر : [المتقون سادة والفقهاء قادة] ، وأيضاً فيما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : [فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يُقلدوه ، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم ، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً ولا كرامة ...] ، وأيضاً التوقيع الشريف المشهور الصادر من الإمام الحجة (عجل الله فرجه) : [وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله] .
وهذه القيادة المشروعة ينبغي أن تظهر على الساحة بتفاعلها مع الأحداث ودفاعها عن الدين والمعتقد ورموزه الرساليين ودفع الشبهات والبدع وتبنيها المنهج التطبيقي السليم الموافق للشرع في حركة ميدانية ناشطة للعمل الإسلامي الداعوي والتطبيقي .
هذه مقدمة مختصرة نعلم من خلالها أنّ المسيرة الإنسانية تنقسم إلى خطين متوازيين لا يلتقيان وهما خط يرتبط بالله الخالق وخط يتمرد على الخط الإلهي ليرتبط بالشيطان المخلوق لتتجسد لدينا صوراً واضحة لعنواني الخير والشر فيكون الإنسان حينئذ بالخيار بينهما فيتخذ طريقه ويتحمل مسؤولية ذلك في الدنيا والآخرة .
والواقع الدنيوي أفرز في مسيرته رجالاً يُجسّدون الخطين في انتماءاتهم وخطوط حركتهم وفق أسباب طبيعية تصل إلى نتائج محددة من الخير أو الشر ليكون شاهداً على المسار الحقيقي في طبيعة توجهه وانتمائه .
وعلى كل حال فإنّنا نأخذ شاهداً على هذين الخطين المتناقضين في الفكر والسلوك ، فإنَّ الخط الإلهي الذي مثلته المرجعية القيادية الربّانية للشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) يُناقض الخط الشيطاني الذي مثلته القيادة الاستبدادية المنحرفة بشخص (صدام) ونظامه القمعي ، وحيث أنًّ السنن الإلهية في حصول المداولة في أوضاع الأمم والشعوب من القوة والضعف والنصر والهزيمة والإيمان والنفاق والكفر تعتمد الأسباب الطبيعية لحركة الإنسان التي تصل به إلى هذه النتائج الحسابية إلاّ إذا توقف بقاء الرسالة السماوية والرساليين على التسديد المباشر لها من الله سبحانه وتعالى كما في هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة ومبيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) على فراشه حينما وضعت غشاوة على أعين المشركين الذين حاصروا الدار ولم يُشاهدوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخرج من بينهم قال تعالى: [وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يُبصرون] يس/9 ، وأيضاً في واقعة بدر قال تعالى : [ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلّة] آل عمران/123، وهذا التدخل المباشر من الخالق هو من الاستثناء وليس بقاعدة عامة ، لأنّ مرجع السنن جميعها إلى الأسباب الطبيعية كما هو واضح وينبغي الفهم أنّه نتيجة ضعف الأمّة في عصرنا وتفككها طغى واستبدَّ صدّام وأمثاله في الحكم حتى أباد المجاميع المؤمنة الصالحة من الشعب واعدم رموزها الرساليين وكان على رأسهم الشهيد الصدر (قدس سره) بتاريخ 9/4 / 1979م ، وظلّت هذه الجرائم الدموية التي اقترفها والمناهج الرسالية تُلاحق الطاغية حتى سقط مع نظامه وذهبوا إلى مزبلة التاريخ ليحصل ذلك بتاريخ 9/4/ 2003م وهذا التطابق في اليوم والشهر فيه حكمة ربّانية بأنَّ (دم السيد) والقصاص له لا يُقابله إلاّ إزالة هذا النظام الفاسد برمّته لكون السيد (قدس سره) يُمثل مدرسة ومنهج رسالي متكامل في قبال
مدرسة الشيطان المتمثلة في نظام البعث لتأخذ العدالة مجراها في الجميع(كما تدين تُدان ) ، [وتلك الأيام نداولها بين الناس] ، مع الإلتفات إلى أنَّ الإسلام يؤكد على وجوب الحفاظ على القوّة الإيمانية الخالصة في جميع مجريات حوادث الزمان لأنها الأساس والدافع للنصر والداعي للتمسك بخط الإسلام الصحيح والطارد لكل عوامل الضعف والفشل والهزيمة لينتصر دائماً الخير على الشر ، ويعلو حينئذٍ الإسلام ولا يُعلى عليه مهما حصلت انتكاسات في المسيرة بسبب ضعف الإعداد الكامل أو نتيجة الخطأ في التطبيق ، ولذا فإنَّ الإيمان بالله تعالى والارتباط به يتحول من خلاله الأفراد والجماعات والشعوب إلى عناصر قوة لكونها مرتبطة بالقوة المطلقة وعلّة الوجود لهذا الكون ولذا ترتكز عليها دائماً في خطوات العمل الإسلامي للنهوض من جديد نحو الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته قال تعالى : [ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين] آل عمران /139، وهذا لا يُفهم منه الاقتصار على الإيمان والتخلي عن الأسباب الطبيعية التي سنَّها الله تعالى لتحقيق النصر والوصول بها إلى الأهداف ، لأنَّ الواقع يفرض علينا الأخذ بأسباب النصر لكي ننتصر ونبتعد عن أسباب الفشل والهزيمة لكي لا نقع فيها ، وهذا يتطلب دراسة واعية لهذه الأسباب ونتائجها لكي نستفيد منها لِسَدْ الثغرات ودفع نقاط الضعف من أجل تحقيق النصر ، لأنَّ الله تعالى الخالق مهما تدخل في عنايته وألطافه وتسديداته في الدفاع عن المؤمنين إلاّ أنَّه لا يُحارب بالنيابة عنهم وإلاّ لماذا خلقهم وخلق معهم السنن الكونية والتشريعية ؟!!! بل لماذا خلق أسباب النصر والهزيمة أيضاً ؟!!! ثمَّ بماذا سيختبر خلقه ويمتحنهم ؟!!! وهذا مصداق قوله تعالى : [وليُمَحِصَّ اللهُ الذين آمنوا ويمحقَ الكافرين] 141/ آل عمران .
وبنفس الوقت فإن الشيطان لا يُحارب بالنيابة عن أتباعه وأنصاره وإلاّ لماذا يغويهم ويُضِلّهم ؟!!! فهو إذن يستعملهم كجنودٍ لمحاربة الخير والإيمان ، وخير دليل ما نراه اليوم بالحسِّ والوجدان هو وجود الاحتلال أتباع الشيطان الذي أسقط نظام الطاغية صدّام ليس حبّاً بشعب العراق وتخليصه من معاناة جرائمه المنظمة في كل مجالات الحياة وإنما جاء الاحتلال لمتابعة مصالحه الاستعمارية الخاصة واستراتيجيته المركزية في السيطرة على مراكز القوة في العالم وتمرير سياساته الطاغوتية كما هو مخطط له تحت عنوان (( الشرق الأوسط الجديد )) واستعمال سياسة الفوضى البنّاءة ليتم بعدها إعادة بناء العالم بما يتوافق ومصالحهم الشيطانية ، ولكنَّ الله تعالى يقول : [ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله] فاطر/ 43 وقوله تعالى : [وما يمكرون إلاّ بأنفسهم وما يشعرون] الأنعام / 123 ، فيكون إنهاء الاحتلال وخروجه من البلد أهم خطوات ومقدمات السعي لتحرير العراق من الإرهاب والفساد والتمييز العرقي والطائفي وليس كما يتوهم البعض بأنَّ قوى الاحتلال صمّام أمان للعراقيين ، وهل الصمّام يخرج على القانون وضوابط البلد ؟!!! وهل الصمّام تُلغى أمامه كل الحصانات والاعتبارات كما هو تعاملهم مع الكثير من رموز العراق وسياسيه سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها ، فهذا فساد وتخريب ، كما أنَّ ازدواجية تعاملهم مع جميع الأطراف وتعاطيهم للفتنة بين العراقيين أمر مفضوح ، فلا تستطيع أن تصل معهم إلى نتيجة وفاقية تعتمدها كخطة عمل ، وليست لهم مصداقية في التعامل مع الجميع إلاّ أن يكون العراقي عبداً مطيعاً لسياساتهم الشيطانية واملاءاتهم الشريرة ومصالحهم الخاصة المتقلبة بين الحين والآخر ، وهذا الأمر مخالف لكل المعايير والأعراف الخُلُقية والإنسانية والوطنية والشرعية ، إذن الاحتلال يُشكل أزَمَة خانقة لكل العراقيين ، فإذا أردنا أن نتطلع إلى آفاق جديدة متطورة ومزدهرة ينبغي علينا إنهاء الاحتلال بالوسائل التي تتطلبها كلّ مرحلة وبما يتوافق مع أحكام الشرع الشريف مع علمنا أنّه يُصاحب هذا الأمر وما بعده الكثير من المشاكل التي يُخلّفها الاحتلال عن عمدٍ وبلا عمد إلاّ أنها وقتية زائلة ويُمكن معالجتها وهي أهون بكثير مما عليه الوضع الآن في العراق تحت نير الاحتلال وتعدد مصادر الإرهاب والفساد والنفاق ، لأنَّ الحكومة الوطنية الموحدة (القوية والعادلة) وبعد خروج المحتل تستطيع أن تؤسس غرفة عمليات خاصة ونظيفة ومحكمة تستمكن وتُسيطر من خلالها على الإرهاب بغلق منافذ تغذيته وملاحقة عناصره وإنزال أقصى العقوبات بهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر ، وبالتالي يخضع العراقيون للأمر الواقع وللمصلحة العامّة بعيداً عن تدخلات الأجانب حتى يستقر الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في عموم البلد ، ويتم هذا بشرط أن لا تخضع الحكومة لعوامل الابتزاز والمساومة والتنازلات والضغوط الإعلامية الداخلية والخارجية المروّجة للدعايات والأكاذيب وسياسة الحرب النفسية لأنَّ هذه الأمور تنزع هيبة الحكومة وينشط من خلالها الأعداء ويطمعون أكثر في فرض شروطهم وتضييع الوقت على الحكومة والشعب وتضيع بذلك الكثير من الحقوق وتزداد الخلافات وتعم الفوضى ، وليعلم الجميع أنَّ رضا الناس غاية لا تُدرك كما أنها خصلةٌ لم يدخرها الربُّ لنفسه فكيف يمنحها للآخرين أو يعمل الناس على تحصيلها ، ولذا نسأل الله تعالى اللطف والعناية والتسديد للعاملين الناشطين على خطى الحق ، وأن يخرج المحتل ويُقضى على الإرهاب والفساد ويتحقق الأمن والسلام والرفاهية والازدهار في عموم بلدنا الحبيب ، وأن يتعاون الشعب جميعاً كوحدة متلاحمة ويرجع إلى الأسباب الطبيعية لتحقيق هذا النصر العظيم ، كما وندعوا الله عزّ وجل أنْ يتغمد شهدائنا بواسع رحمته وفسيح جناته وأن يكونوا شفعاء لنا في يوم القيامة مع أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم قدّموا التضحيات الغالية من أجل تحقيق الأهداف السامية ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .
إنَّ الدورة الحياتية في عالم الدنيا تنقلب في مساراتها وفق الأسباب الطبيعية للقوّة الحركية لنشاط العاملين عليها سواء في المناهج الفكرية العقائدية أو السلوكية التطبيقية ، ويكتسب هذا العمل فكراً وسلوكاً وقيادةً مشروعيته بالنص والتعيين كما في الجعل الإلهي للنبوة والرسالة والإمامة أو بالنص العام الذي يجري الانطباق فيه على عناصر متعددة ومتجددة باستمرار على طول الزمان فيمن تتوفر فيهم الشروط الشرعية لقيادة الأمة باعتبارهم الامتداد الطبيعي لمنهج وسيرة المعصومين (عليهم السلام) وحركتهم على الأرض ، ولذا قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم في وصيته لأبي ذر : [المتقون سادة والفقهاء قادة] ، وأيضاً فيما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : [فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يُقلدوه ، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم ، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً ولا كرامة ...] ، وأيضاً التوقيع الشريف المشهور الصادر من الإمام الحجة (عجل الله فرجه) : [وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله] .
وهذه القيادة المشروعة ينبغي أن تظهر على الساحة بتفاعلها مع الأحداث ودفاعها عن الدين والمعتقد ورموزه الرساليين ودفع الشبهات والبدع وتبنيها المنهج التطبيقي السليم الموافق للشرع في حركة ميدانية ناشطة للعمل الإسلامي الداعوي والتطبيقي .
هذه مقدمة مختصرة نعلم من خلالها أنّ المسيرة الإنسانية تنقسم إلى خطين متوازيين لا يلتقيان وهما خط يرتبط بالله الخالق وخط يتمرد على الخط الإلهي ليرتبط بالشيطان المخلوق لتتجسد لدينا صوراً واضحة لعنواني الخير والشر فيكون الإنسان حينئذ بالخيار بينهما فيتخذ طريقه ويتحمل مسؤولية ذلك في الدنيا والآخرة .
والواقع الدنيوي أفرز في مسيرته رجالاً يُجسّدون الخطين في انتماءاتهم وخطوط حركتهم وفق أسباب طبيعية تصل إلى نتائج محددة من الخير أو الشر ليكون شاهداً على المسار الحقيقي في طبيعة توجهه وانتمائه .
وعلى كل حال فإنّنا نأخذ شاهداً على هذين الخطين المتناقضين في الفكر والسلوك ، فإنَّ الخط الإلهي الذي مثلته المرجعية القيادية الربّانية للشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) يُناقض الخط الشيطاني الذي مثلته القيادة الاستبدادية المنحرفة بشخص (صدام) ونظامه القمعي ، وحيث أنًّ السنن الإلهية في حصول المداولة في أوضاع الأمم والشعوب من القوة والضعف والنصر والهزيمة والإيمان والنفاق والكفر تعتمد الأسباب الطبيعية لحركة الإنسان التي تصل به إلى هذه النتائج الحسابية إلاّ إذا توقف بقاء الرسالة السماوية والرساليين على التسديد المباشر لها من الله سبحانه وتعالى كما في هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة ومبيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) على فراشه حينما وضعت غشاوة على أعين المشركين الذين حاصروا الدار ولم يُشاهدوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخرج من بينهم قال تعالى: [وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يُبصرون] يس/9 ، وأيضاً في واقعة بدر قال تعالى : [ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلّة] آل عمران/123، وهذا التدخل المباشر من الخالق هو من الاستثناء وليس بقاعدة عامة ، لأنّ مرجع السنن جميعها إلى الأسباب الطبيعية كما هو واضح وينبغي الفهم أنّه نتيجة ضعف الأمّة في عصرنا وتفككها طغى واستبدَّ صدّام وأمثاله في الحكم حتى أباد المجاميع المؤمنة الصالحة من الشعب واعدم رموزها الرساليين وكان على رأسهم الشهيد الصدر (قدس سره) بتاريخ 9/4 / 1979م ، وظلّت هذه الجرائم الدموية التي اقترفها والمناهج الرسالية تُلاحق الطاغية حتى سقط مع نظامه وذهبوا إلى مزبلة التاريخ ليحصل ذلك بتاريخ 9/4/ 2003م وهذا التطابق في اليوم والشهر فيه حكمة ربّانية بأنَّ (دم السيد) والقصاص له لا يُقابله إلاّ إزالة هذا النظام الفاسد برمّته لكون السيد (قدس سره) يُمثل مدرسة ومنهج رسالي متكامل في قبال
مدرسة الشيطان المتمثلة في نظام البعث لتأخذ العدالة مجراها في الجميع(كما تدين تُدان ) ، [وتلك الأيام نداولها بين الناس] ، مع الإلتفات إلى أنَّ الإسلام يؤكد على وجوب الحفاظ على القوّة الإيمانية الخالصة في جميع مجريات حوادث الزمان لأنها الأساس والدافع للنصر والداعي للتمسك بخط الإسلام الصحيح والطارد لكل عوامل الضعف والفشل والهزيمة لينتصر دائماً الخير على الشر ، ويعلو حينئذٍ الإسلام ولا يُعلى عليه مهما حصلت انتكاسات في المسيرة بسبب ضعف الإعداد الكامل أو نتيجة الخطأ في التطبيق ، ولذا فإنَّ الإيمان بالله تعالى والارتباط به يتحول من خلاله الأفراد والجماعات والشعوب إلى عناصر قوة لكونها مرتبطة بالقوة المطلقة وعلّة الوجود لهذا الكون ولذا ترتكز عليها دائماً في خطوات العمل الإسلامي للنهوض من جديد نحو الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته قال تعالى : [ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين] آل عمران /139، وهذا لا يُفهم منه الاقتصار على الإيمان والتخلي عن الأسباب الطبيعية التي سنَّها الله تعالى لتحقيق النصر والوصول بها إلى الأهداف ، لأنَّ الواقع يفرض علينا الأخذ بأسباب النصر لكي ننتصر ونبتعد عن أسباب الفشل والهزيمة لكي لا نقع فيها ، وهذا يتطلب دراسة واعية لهذه الأسباب ونتائجها لكي نستفيد منها لِسَدْ الثغرات ودفع نقاط الضعف من أجل تحقيق النصر ، لأنَّ الله تعالى الخالق مهما تدخل في عنايته وألطافه وتسديداته في الدفاع عن المؤمنين إلاّ أنَّه لا يُحارب بالنيابة عنهم وإلاّ لماذا خلقهم وخلق معهم السنن الكونية والتشريعية ؟!!! بل لماذا خلق أسباب النصر والهزيمة أيضاً ؟!!! ثمَّ بماذا سيختبر خلقه ويمتحنهم ؟!!! وهذا مصداق قوله تعالى : [وليُمَحِصَّ اللهُ الذين آمنوا ويمحقَ الكافرين] 141/ آل عمران .
وبنفس الوقت فإن الشيطان لا يُحارب بالنيابة عن أتباعه وأنصاره وإلاّ لماذا يغويهم ويُضِلّهم ؟!!! فهو إذن يستعملهم كجنودٍ لمحاربة الخير والإيمان ، وخير دليل ما نراه اليوم بالحسِّ والوجدان هو وجود الاحتلال أتباع الشيطان الذي أسقط نظام الطاغية صدّام ليس حبّاً بشعب العراق وتخليصه من معاناة جرائمه المنظمة في كل مجالات الحياة وإنما جاء الاحتلال لمتابعة مصالحه الاستعمارية الخاصة واستراتيجيته المركزية في السيطرة على مراكز القوة في العالم وتمرير سياساته الطاغوتية كما هو مخطط له تحت عنوان (( الشرق الأوسط الجديد )) واستعمال سياسة الفوضى البنّاءة ليتم بعدها إعادة بناء العالم بما يتوافق ومصالحهم الشيطانية ، ولكنَّ الله تعالى يقول : [ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله] فاطر/ 43 وقوله تعالى : [وما يمكرون إلاّ بأنفسهم وما يشعرون] الأنعام / 123 ، فيكون إنهاء الاحتلال وخروجه من البلد أهم خطوات ومقدمات السعي لتحرير العراق من الإرهاب والفساد والتمييز العرقي والطائفي وليس كما يتوهم البعض بأنَّ قوى الاحتلال صمّام أمان للعراقيين ، وهل الصمّام يخرج على القانون وضوابط البلد ؟!!! وهل الصمّام تُلغى أمامه كل الحصانات والاعتبارات كما هو تعاملهم مع الكثير من رموز العراق وسياسيه سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها ، فهذا فساد وتخريب ، كما أنَّ ازدواجية تعاملهم مع جميع الأطراف وتعاطيهم للفتنة بين العراقيين أمر مفضوح ، فلا تستطيع أن تصل معهم إلى نتيجة وفاقية تعتمدها كخطة عمل ، وليست لهم مصداقية في التعامل مع الجميع إلاّ أن يكون العراقي عبداً مطيعاً لسياساتهم الشيطانية واملاءاتهم الشريرة ومصالحهم الخاصة المتقلبة بين الحين والآخر ، وهذا الأمر مخالف لكل المعايير والأعراف الخُلُقية والإنسانية والوطنية والشرعية ، إذن الاحتلال يُشكل أزَمَة خانقة لكل العراقيين ، فإذا أردنا أن نتطلع إلى آفاق جديدة متطورة ومزدهرة ينبغي علينا إنهاء الاحتلال بالوسائل التي تتطلبها كلّ مرحلة وبما يتوافق مع أحكام الشرع الشريف مع علمنا أنّه يُصاحب هذا الأمر وما بعده الكثير من المشاكل التي يُخلّفها الاحتلال عن عمدٍ وبلا عمد إلاّ أنها وقتية زائلة ويُمكن معالجتها وهي أهون بكثير مما عليه الوضع الآن في العراق تحت نير الاحتلال وتعدد مصادر الإرهاب والفساد والنفاق ، لأنَّ الحكومة الوطنية الموحدة (القوية والعادلة) وبعد خروج المحتل تستطيع أن تؤسس غرفة عمليات خاصة ونظيفة ومحكمة تستمكن وتُسيطر من خلالها على الإرهاب بغلق منافذ تغذيته وملاحقة عناصره وإنزال أقصى العقوبات بهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر ، وبالتالي يخضع العراقيون للأمر الواقع وللمصلحة العامّة بعيداً عن تدخلات الأجانب حتى يستقر الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في عموم البلد ، ويتم هذا بشرط أن لا تخضع الحكومة لعوامل الابتزاز والمساومة والتنازلات والضغوط الإعلامية الداخلية والخارجية المروّجة للدعايات والأكاذيب وسياسة الحرب النفسية لأنَّ هذه الأمور تنزع هيبة الحكومة وينشط من خلالها الأعداء ويطمعون أكثر في فرض شروطهم وتضييع الوقت على الحكومة والشعب وتضيع بذلك الكثير من الحقوق وتزداد الخلافات وتعم الفوضى ، وليعلم الجميع أنَّ رضا الناس غاية لا تُدرك كما أنها خصلةٌ لم يدخرها الربُّ لنفسه فكيف يمنحها للآخرين أو يعمل الناس على تحصيلها ، ولذا نسأل الله تعالى اللطف والعناية والتسديد للعاملين الناشطين على خطى الحق ، وأن يخرج المحتل ويُقضى على الإرهاب والفساد ويتحقق الأمن والسلام والرفاهية والازدهار في عموم بلدنا الحبيب ، وأن يتعاون الشعب جميعاً كوحدة متلاحمة ويرجع إلى الأسباب الطبيعية لتحقيق هذا النصر العظيم ، كما وندعوا الله عزّ وجل أنْ يتغمد شهدائنا بواسع رحمته وفسيح جناته وأن يكونوا شفعاء لنا في يوم القيامة مع أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم قدّموا التضحيات الغالية من أجل تحقيق الأهداف السامية ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .
0 تعليق
تنبيه