5‏/5‏/2025

ابو زينب

سؤال حول زواج القاصرات

سماحة آية الله الفقيه السيد أبو الحسن حميد المقدس الغريفي دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر في الآونة الأخيرة تهمة الشريعة الإسلامية بالقول بجواز نكاح البنات القاصرات وجعلها سلعة جنسية تلبي رغبات الرجل، وقد تكرر ترويج ذلك بشكل واسع في ظل تشريع قانون الأحوال الشخصية الإسلامي في العراق على المحطات الاعلامية والمواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي .
فما رأيكم الشريف في ذلك؟
اجيبونا مأجورين
جماعة من المؤمنين
بيروت / لبنان

الجواب:
 باسمه تعالى 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
النكاح والطلاق في التشريع الإسلامي يستند على ضوابط وموازين علمية يرعى فيها مصالح الزوجين ويدرأ عنهما المفاسد والأضرار؛ ولذا لا يبتني النكاح على الإكراه والضرر، وما يُشاع من زواج القاصرات إنما هو نتاج الفهم الخاطئ والخلط بين سن البلوغ وسن النكاح وسن الوطئ، علماً أنّ سن البلوغ للبنت يكون في التاسعة أو الثالثة عشر أو ما بينهما على اختلاف بين الفقهاء ، وهذا لا يعني بالضرورة أن تكون البنت صالحة لتحمل الوطئ والدخول بها  في هذا العمر مع ثبوت الإجماع على عدم جواز وطئ الزوجة قبل التاسعة من عمرها.
ثم إن مفهوم القاصر قد يُلحظ فيه القصور في الإدراك العقلي أو القصور الجسدي عن تحمل الوطئ أو القصور عن تحمل مسؤولية النكاح بتفاصيله.
والمعلوم وجدانا اختلاف مراتب البنات في الإدراك والقابليات بحسب اختلاف البيئة الثقافية والاجتماعية والبيئة الطبيعية من الأجواء الحارة أو الباردة، وكذا ما يتعلق بالوضع البدني والصحي.
إذن مصطلح نكاح القاصرات غير منضبط في حدود معينة؛ ولذا لابد فيه من تفصيل، وقد اتهم الأعداء الشريعة به من دون علم ودراية بتفاصيل التشريعات، فإن أرادوا من هذا المصطلح هو الوطئ والدخول بالبنت قبل سن التاسعة أو مع ثبوت عدم قابليتها على تحمل الوطئ بعد التاسعة فهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الشريعة بنيت أحكامها على جلب المصالح ودرأ المفاسد والأضرار.
ولم يثبت بحسب التحقيق أن المسلمين زوّجوا بناتهم وتمّ الدخول بهنّ مع عدم أهليتهن للوطئ بالنسبة للعُمر أو القابلية الجسدية، وإنما هو طرح افتراضي لا واقع له.
وبالرغم مما ذكرنا من واقعنا الإسلامي نجد في قباله من التشريعات الأخرى سواء كانت وضعية أم سماوية لم تتقيد بسن معينة في الزواج كما حدّد بعضهم السن بعمر الثانية عشر بل أباح الغرب اليوم الثقافة الجنسية في المدارس الإبتدائية، فضلاً عن اختيار نوع الجنس، مما يشجع على الإباحية والشذوذ في سن الطفولة المبكرة تحت عنوان الصداقات وما إلى ذلك.
ومن المفارقات العجيبة لهذه الثقافات المزيفة أنهم يرفضون زواج ما يسمّى بالقاصرات تحت ذرائع واهية بالرغم من توافر الشروط الشرعية والقابلية الجسدية ومصلحة الزوجين من احصانهما وحفظهما عن الوقوع في الحرام والإنحلال والفساد في حين أن التشريعات الأخرى تفضي إلى الانحلال والفساد والحمل غير المشروع وما يؤدي إلى عمليات الإجهاض في سن مبكرة، وما إلى ذلك من ارتماء البنات في أحضان الذكور الأصدقاء من دون قيد أو شرط. 
ولو تنزلنا جدلا وقلنا بحدوث تزاحم بين زواج ما يسمى بالقاصرات بحسب تسميتهم تحت نظر أولياء الأمر رعاية لمصلحتهنّ وبين فعل الزنا بين الأطفال، فلا يوجد عاقل يحترم عقله يرجح الثاني.
إذن نكاح القاصرات بالمفهوم الشرعي مع الدخول بهن لا تقول به الشريعة كما لا يقول به أحد من فقهاء الشريعة، وبالتالي فالتهمة إنما هي بدافع العداء للشريعة الإسلامية وشن الحرب اللااخلاقية عليها بإثارة الشبهات والتشكيكات وتضليل الناس للطعن بالشريعة الإلهية.

أبو الحسن حميد المقدس الغريفي
النجف الأشرف
٢/ جمادى الآخرة / ١٤٤٦ هجري
٣/ ١٢ /٢٠٢٤م

سؤال حول زواج القاصرات

مواضيع قد تهمك

0 تعليق

تنبيه
  • قبل كتابتك لتعليق تذكر قول الله تعالى: ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))
  • شكرا لك